من رواية على بن يقطين ربما أشعر بعدم جواز نكاح التحليل مطلقا أو في هذه الصورة ، وليس الأمر كذلك.
والتحقيق أن الرواية المذكورة ـ لمصادمة الأخبار المستفيضة الدالة على صحة نكاح التحليل لحر كان أو عبد لها ـ محمولة على التقية ، لأن العامة لا يقولون بصحة نكاح التحليل كما ذكره بعض الأصحاب وسيأتي إن شاء الله تحقيق الكلام في المسألة كما هو حقه في بحث التحليل ، ويكفي في رد ما ذهب إليه ابن إدريس من دعوى كونه إباحة ، دلالة الروايات على كونه نكاحا وظهورها في ذلك ، والمفهوم من رواية محمد بن مسلم التي عدها في المختلف صحيحة أن هذا النكاح ليس على حد النكاح المشهور في غير هذه الصورة المفتقر إلى الإيجاب من الزوجة ، والقبول من الزوج ، والشروط المقررة ثمة بل هو نوع خاص منه ، لأن قوله (١) «أينكحه نكاحا أو يجزيه أن يقول أنكحتك فلانة ويعطى منه من ماله شيئا» الخبر ، ظاهر فيما قلناه والظاهر أن مرجع السؤال إلى أنه هل يشترط فيه القبول من العبد بعد قول السيد ذلك أم لا؟ فأجاب بأنه لا يشترط ذلك بل يكفي قول السيد ذلك.
الخامس : إن ما أطال به ابن إدريس من منع الطلاق هنا وعدم كونه طلاقا حقيقة تطويل بغير طائل لأن أحدا من المتقدمين لم يدع ذلك ، بل صريح كلام الشيخين المتقدم هو الحرمة بمجرد الأمر بالاعتزال والتفريق بينهما ، ولعله أراد ـ بهذا التطويل في نفي كون ذلك طلاقا ـ هو الدلالة على كونه حينئذ إباحة لا عقدا.
وفيه إنك قد عرفت أن المفهوم من الأخبار أنه وإن كان عقدا إلا أنه لا كالعقود المشهورة المترتبة عليها تلك الأحكام المذكورة بل هو نوع خاص منها وقوفا على ظواهر الأخبار الواردة في المقام.
__________________
(١) نقله ـ رحمهالله ـ بالمعنى.