أن المخالفة الاولى مدفوعة بما تقدم في كتاب البيع (١) من الأخبار الدالة على صحة البيع مع الترديد في الثمن بين كونه نسبة بكذا وكذا ونقدا بكذا وكذا ، وقد ذكرنا ثمة صحة ذلك كما دلت عليه الأخبار وإن كان خلاف قواعدهم ، وقد صرحوا أيضا بالصحة فيما لو قال : إن خطته كذا فلك كذا ، وإن خطته كذا فلك كذا ، وهذا كله مما يؤيد الصحة هنا مع أنه قد تقدم النقل عنهم بالاكتفاء في المهر بالمشاهدة عن الكيل والوزن فيما يشترط فيه الكيل والوزن نظرا إلى أن مثل هذه الجهالة غير مؤثرة في بطلان المهر ، لأنه ليس على حد المعاوضات المشترطة فيها المعلومية من كل وجه ، وقد تقدم في المسألة الرابعة من البحث الأول من المقصد الثاني في المهور ما فيه مزيد تأييد لما ذكرناه وتأكيد لما سطرناه ، وبالجملة فالعمل على ما دل عليه الخبر في المقام ، وهكذا في غير هذا من الأحكام ، والله العالم.
المسألة الثامنة : المشهور بين الأصحاب بطلان النكاح بشرط الخيار ، وبه قطع الشيخ في المبسوط وغيره من المتأخرين ، وعللوه بأن النكاح ليس من عقود المعاوضات القابلة لخيار الشرط ، بل فيه شائبة العبادة ، فالشرط يخرجه عن وضعه ، وحينئذ فيبطل الشرط ، وأما بطلان العقد فلأن التراضي لم يقع على العقد إلا مقترنا بالشرط المذكور ، وإذا لم يتم الشرط لم يصح العقد مجردا لعدم القصد إليه كذلك ، وصحة العقود مترتبة على القصود ، فليس إلا الحكم ببطلانهما معا وصحتهما معا ، لكن لا سبيل إلى الثاني ، لمنافاته وضع النكاح كما عرفت ، فتعين الأول ، قال في المسالك : وهذا هو الأقوى.
أقول : مبني هذا الاستدلال على ثبوت هذه القاعدة التي تكررت في كلامهم ، وهي أن العقود بالقصود ، والقصد هنا إنما توجه للعقد المقرون بذلك الشرط ، وحينئذ فيبطل مع بطلان الشرط ، لعدم القصد المذكور ، وفيه ما نبهنا
__________________
(١) ج ١٩ ص ١٢٢.