بهذه القاعدة لما عرفت من تكاثر الأخبار الدالة على التنصيف ، وتعددها في موارد عديدة بحث لا يمكن طرحها ، ولو جاز ردها على ما هي عليه من الاستفاضة وصحة الأسانيد ورواية الثقات لها في الأصول المعتمدة ، لأشكل الحال أي إشكال ، وصار الداء عضالا وأي عضال ، والتأويلات التي ذكرها الشيخ بعيدة غاية البعد ، لا وجه للقول بها فلم يبق إلا طرحها بل الواجب تخصيص الآية بها كما جرى عليه الأصحاب في غير موضع من نظائر هذه المسألة ، حسبما قدمناه في غير موضع ، ويبقى حمل تلك الأخبار على التقية كما قلناه ، وهذه هو الأقرب ، والله العالم.
المسألة الحادية عشر : قد عرفت أن الأشهر الأظهر هو أن المرأة تملك المهر بمجرد العقد إلا أنه متى طلقها قبل الدخول عاد نصفه إلى الزوج ، وينبغي أن يعلم أن عود النصف إلى الزوج مقيد بأن لا تعفو عن النصف الباقي لها ، فيصير الجميع للزوج حينئذ أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ، لقوله عزوجل «وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ» (١) إلا أن من له عقدة النكاح ليس له أن يعفو عن الجميع ، وأما هي فإن لها العفو عن الجميع كما تدل عليه الأخبار.
بقي الكلام في من بيده عقدة النكاح أنه من هو؟ هل هو الولي الجبري الذي هو الأب أو الجد له؟ أو هو مع من توليه أمرها في النكاح كان من كان؟ والأول مذهب أكثر الأصحاب ، ومنهم الشيخ في الخلاف مدعيا عليه الإجماع ، والثاني قوله في النهاية ، وتلميذه القاضي.
والواجب أولا نقل ما وصل إلينا من عباراتهم ثم عطف الكلام على نقل أخبار المسألة ، ثم الكلام في المقام بما وفق الله سبحانه لفهمه منها ببركة أهل الذكر عليهمالسلام.
فنقول : قال الشيخ في النهاية : الذي بيده عقدة النكاح الأب أو الأخ إذا
__________________
(١) سورة البقرة ـ آية ٢٢٧.