لذلك ، وكان في الحي امرأة وصفت لي بالجمال فمال إليها قلبي ، وكانت عاهرا لا تمنع يد لامس فكرهتها ، ثم قلت : قد قال الأئمة : تمتع بالفاجرة فإنك تخرجها من حرام إلى حلال ، فكتبت إلى أبي محمد عليهالسلام أشاوره في المتعة ، وقلت : أيجوز بعد هذه السنين أن أتمتع ، فكتب : إنما تحيي سنة وتميت بدعة ، ولا بأس ، وإياك وجارتك المعروفة بالمهر وإن حدثتك نفسك ، إن آبائي قالوا : تمتع بالفاجرة فإنك تخرجها من حرام إلى حلال ، فهذه امرأة معروفة بالهتك ، وهي جارتك ، وأخاف عليك استفاضة الخبر. فتركتها ولم أتمتع بها ، وتمتعها شاذان بن سعيد ، رجل من إخواننا وجيراننا ، فاشتهر بها حتى علا أمره وصار إلى السلطان وغرم بسبها مالا نفيسا ، وأعاذني الله من ذلك ببركة سيدي».
أقول : هذا ما حضرني من أخبار المسألة ، وهي كما ترى ما بين ما يدل على الجواز كما هو المشهور ، وما يدل على التحريم كما هو مذهب الصدوق ، والأصحاب حملوا ما دل على المنع على الكراهة ، جمعا بين الأخبار.
وأما على القول بالتحريم فاللازم طرح ما دل على الجواز ، وهو مشكل ، وبعض ما دل على الجواز وإن أمكن تقييده بما يرجع إلى القول بالتحريم ، كأن يقيد بمنعها من الفجور ، المكنى عنه بأن يغلق بابه ، أو بظهور التوبة ، كما دلت عليه جملة من هذه الأخبار ، إلا أن بعضا آخر كصحيحة زرارة ، ورواية إسحاق ابن جرير ، ورواية علي بن يقطين ، ورواية كشف الغمة ظاهر في الجواز مع عدم القيدين المذكورين ، ولا يحضرني الآن مذهب العامة في المسألة فلعل أخبار أحد الطرفين إنما خرج مخرج التقية.
وبالجملة فإن المسألة غير خالية من شوب الإشكال ، فإن جملة من أخبار المنع صريح في التحريم ، والله العالم.
الرابعة : قد صرح جملة من الأصحاب بأنه يكره التمتع ببكر ليس لها أب فإن فعل فلا يفتضها وليس محرما.