نصف العوض أن الذي يستحقه الزوج بالطلاق نصف المهر المفروض ، وعوضه غيره ، فلا يرجع به ، وينبغي أن يعلم أن المراد برجوعه بنصف المسمى هنا إنما هو رجوعه بمثله أو قيمته ، لأن المسمى بالمعاوضة ودفع العوض الذي هو أحد هذه المذكورات قد صار ملك الزوج ، فالنصف المحكوم بعوده إليه قد انتقال عن ملكها بالمعاوضة المذكورة ، فيرجع حينئذ إلى مثله أو قيمته ، كما لو انتقل منها إلى غيره ، ولا فرق في ذلك بين انتقاله بعوض يساوي قيمته أو ينقص أو يزيد ، ولا بين أنواع الأعواض لاشتراك الجميع في المقتضى وهو خروجه بذلك عن ملكها كما خرج بغير عوض كالهبة.
ويدل على أصل الحكم المذكور ما رواه الكليني (١) في الصحيح عن الفضيل ابن يسار قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل تزوج امرأة بألف درهم فأعطاها عبدا له آبقا وبردا حبرة بألف درهم التي أصدقها ، قال : إذا رضيت بالعبد وكانت قد عرفته فلا بأس إذا هي قبضت الثوب ورضيت بالعبد ، قلت : فإن طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال : لا مهر لها وترد عليه خمسمائة ويكون العبد لها».
الخامس : الظاهر أنه لا إشكال ولا خلاف في أنه إذا دبر مملوكا ذكرا كان أو أنثى جاز لمن دبره أن يجعله مهرا لزوجته ، لأنه بالتدبير لا يخرج عن ملكه ، بل له التصرف فيه بجميع أنواع التصرفات من بيع وغيره ، وهو كالوصية بل هو في التحقيق وصية بالعتق ، وحينئذ فلو طلقها قبل الدخول صار المدبر مشتركا بينهما لرجوع نصفه إلى الزوج ، حيث إنه المهر وحكمه الرجوع بنصفه في الطلاق ، وهذا كله مما لا خلاف فيه. إنما الخلاف في أنه يجعله مهرا ، هل يبطل التدبير أو يبقى صحيحا؟ أكثر الأصحاب سيما المتأخرين على الأول ، وهو مذهب ابن إدريس ومن تأخر عنه ، وذهب الشيخ في النهاية وبعض أتباعه
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٣٨٠ ح ٦ ، التهذيب ج ٧ ص ٣٦٦ ح ٤٧ ، الوسائل ج ١٥ ص ٣٥ ح ١.