الأول : إنك قد عرفت أن العنة عبارة عن ضعف الآلة عن الانتشار والولوج في الفرج ، فهو أمر مخفي لا يطلع عليه غير من ابتلى به ، فلا يمكن الاطلاع عليه بالشهادة حينئذ فلا طريق إلى الحكم به إلا بإقرار صاحبه على نفسه أو قيام بينة بإقراره ، فعلى هذا لو ادعت المرأة عليه بذلك وأنكر الرجل فالقول قوله بيمينه عملا بأصالة السلامة الراجعة إلى أصالة العدم ، فإن حلف استقر النكاح ، وإن نكل فإن قضينا بمجرد النكول ثبت العيب ، وإلا ردت اليمين على المرأة ، فإن حلفت ثبت العيب ، إلا أنه لا بد في حلفها من حصول العلم لها به ، وذلك يحصل بممارستها له مدة على وجه يحصل لها بتعاضد القرائن العلم بالعنة.
ونقل الأصحاب عن الصدوق ـ رحمة الله عليه ـ أن الرجل المدعى عليه العنة يقام في الماء البارد ، فإن تقلص حكم بقوله ، وإن بقي مسترخيا حكم لها.
ونقل ذلك في المسالك عن ابن حمزة أيضا قال : ومعنى تقلص انضم وانزوى ، ولفظ الصدوق «وإن تشنج» والمراد به تقبض الجلد ، قال : وأنكر هذه العلامة المتأخرون ، لعدم الوثوق بالانضباط وعدم الوقوف على مستند صالح ، نعم هو قول الأطباء وكلامهم فيثمر الظن الغالب بالصحة ، إلا أنه ليس طريقا شرعيا ، انتهى.
أقول : لا يخفى أن ما نقلوه عن الصدوق فإنه قد رواه في كتابه من لا يحضره الفقيه (١) عن الصادق عليهالسلام مرسلا وبه صرح الرضا عليهالسلام في كتابه (٢) حيث قال : وإذا ادعيت عليه أنه عنين وأنكر الرجل أن يكون كذلك ، فإن الحكم فيه أن يجلس الرجل في ماء بارد فإن استرخى ذكره فهو عنين ، وإن تشنج فليس بعنين». ولكن أصحابنا المتأخرين حيث لم يصل إليهم الكتاب المذكور ولا اطلعوا عليه لم يطلعوا على ما فيه من الأحكام.
__________________
(١) الفقيه ج ٣ ص ٣٥٧ ح ٢ ، الوسائل ج ١٤ ص ٦١٤ ح ٤.
(٢) فقه الرضا ص ٢٣٧ ، مستدرك الوسائل ، ج ٢ ص ٦٠٤ ب ١٤ ح ١.