المسألة الرابعة : قد صرح الأصحاب بأن المهر إذا ذكر في العقد فلا بد من تعيينه ليخرج عن الجهالة إما بالإشارة كهذا الثوب وهذه الدابة ، أو بالوصف الذي يحصل به التعيين.
وظاهرهم أنه يكفي فيه المشاهدة وإن كان مكيلا أو موزونا وأمكن استعلامه بها ، بل صرح بذلك جملة منهم كالصبرة من الطعام والقطعة من الفضة أو الذهب ، ومرجع ذلك إلى المعلومية في الجملة من غير استقصاء لجميع طرقها ، قالوا ، والوجه فيه أن النكاح ليس على حد المعاوضات الحقيقية ، والركن الأعظم فيه الزوجان ، والمهر دخيل فيه لم يعتبر فيه ما يعتبر في غيره من المعاوضات المحضة.
أقول : ويدل على ذلك صحيح محمد بن مسلم (١) المتقدمة المتضمن لحكاية المرأة التي أتت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وطلبت منه أن يزوجها فإن المهر فيها قد جعل ما يحسنه من القرآن ، ولم يسأل عن مقداره ، وهو مجهول ، فإذا جاز التزويج بالمهر الذي على هذا النحو ، فبالمشاهدة من غير وزن ولا كيل بطريق أولى لحصول المعلومية في الجملة ، بخلاف المهر في هذا الخبر.
ويؤيد ذلك أيضا ما تقدم في جملة من الأخبار «أن المهر ما تراضيا عليه» فإنه شامل بإطلاقه لما نحن فيه ، وقد تقدم في جملة من أخبار المتعة كف من طعام دقيق أو سويق أو تمر.
وفي خبر (٢) عن الكاظم عليهالسلام «كان الرجل يتزوج على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله على القبضة من الحنطة». وفي الجميع دلالة واضحة على الاكتفاء بالمعلومية في الجملة.
بقي الكلام فيما لو قبضته والحال هذه فإنه إن لم يتوقف على العلم به أمر
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٣٨٠ ح ٥ ، التهذيب ج ٧ ص ٣٥٤ ح ٧ ، الوسائل ج ١٥ ص ٣ ح ١.
(٢) الكافي ج ٥ ص ٤١٤ ح ٧ ، التهذيب ج ٧ ص ٣٦٦ ح ٤٦ ، الوسائل ج ١٥ ص ٣٣ ح ١.