ويؤيده ما رواه النعماني في تفسيره (١) عن علي عليهالسلام وصرح به الثقة الجليل علي بن إبراهيم في تفسيره (٢) أيضا في بيان ما نصفه منسوخ من الآيات ونصفه باق من أن قوله «وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ» قد نسخ بقوله تعالى في سورة المائدة «الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ ـ إلى قوله ـ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ» (٣) وقوله «وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتّى يُؤْمِنُوا» لم ينسخ إلى آخر كلامهما زيد في إكرامهما ، وحينئذ ربما يمكن القول بترجيح الجواز ، إلا أن إجماع العامة على الجواز كما نقله الشيخ وغيره.
وقد تقرر في طريق الترجيح في مقام اختلاف الأخبار ، عرض الأخبار على مذهبهم والأخذ بخلافه كما تضمنته مقبولة عمر بن حنظلة (٤) ، ورواية زرارة وغيرها حتى ورد أنهم ليسوا من الحنيفية على شيء ، وأن الرشد في خلافهم ، وبلغ الأمر إلى أنهم أمروا شيعتهم بأنه متى أعوزهم الحكم الشرعي رجعوا إلى قضاة العامة ، وأخذوا بخلاف ما يفتون به ، وحينئذ فيشكل العمل بأخبار الجواز ، لإمكان الحمل على التقية.
فإن قيل : إن من جملة القواعد أيضا العرض على الكتاب العزيز ، والأخذ بما وافقه ، بل العرض عليه والترجيح مقدم في الأخبار على رتبة العرض على مذهب العامة.
قلنا : نعم الأمر وإن كان كذلك ، لكن الآيات كما عرفت مختلفة ، والجمع بينها مشكل ، إلا أنه يمكن أن يقال : إن مقتضى ما قدمنا نقله عن تفسير النعماني وعلي بن إبراهيم أن آية «وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ» (٥) الدالة على التحريم قد
__________________
(١) المحكم والمتشابه ص ٣٤ و ٣٥ ، الوسائل ج ١٤ ص ٤١٣ ح ٦.
(٢) تفسير القمي ج ١ ص ٧٣.
(٣) سورة المائدة ـ آية ٥.
(٤) الفقيه ج ٣ ص ٥ ح ٢ ، الوسائل ج ١٨ ص ٧٥ ح ١.
(٥) سورة البقرة ـ آية ٢٢١.