وأما (ثالثا) فلأن نفي الدلالة على جواز التصرف فيه قبل القبض ممنوع ، وسند المنع قد عرفته ، والدليل لا ينحصر في الإجماع.
وأما (رابعا) فإنه قد اعترف قبل هذا الكلام ـ في الكتاب المذكور كما نقله عنه في المختلف ـ بأن المرأة تملك الصداق بالعقد ، وهو في ضمان الزوج إن تلف قبل القبض ، وهو ظاهر المناقضة لما ذكره ، وبالجملة فإن كلامه هنا عليل لا يلتفت إليه ولا يعول عليه.
المسألة العاشرة : قد عرفت أن الأشهر الأظهر هو وجوب المهر كملا بمجرد العقد ، إلا أنه لا يستقر إلا بالدخول ، وأنه لا خلاف نصا وفتوى في استقراره بالدخول. وعليه تدل الأخبار المستفيضة ، وقد تقدم شطر منها في المسألة الثانية من هذا البحث ، وأنه ينتصف بالطلاق قبل الدخول من غير خلاف ، كما دلت عليه الأخبار ، وقد تقدم الكلام في ذلك في المسألة الثالثة.
بقي الكلام هنا في حكم المهر مع موت أحد الزوجين قبل الدخول ، وأنه هل ينتصف المهر بذلك أم لا؟
والواجب أولا نقل ما وصل إلينا من كلامهم ، ثم نقل الأخبار الواردة في المقام ، والكلام فيها بما يسر الله تعالى فهمه ببركة أهل الذكر عليهمالسلام.
فنقول : قال الشيخ في النهاية : ومتى مات الرجل عن زوجته قبل الدخول بها وجب على ورثته أن يعطوا المرأة المهر كاملا ، ويستحب لها أن تترك نصف المهر ، فإن لم تفعل كان لها المهر كله. وإن ماتت المرأة قبل الدخول بها كان لأوليائها نصف المهر ، وتبعه ابن البراج في الكامل ، وقال في المهذب : لورثتها المطالبة بالمهر ، وقطب الدين الكيدري تابع الشيخ أيضا ، وقال ابن حمزة : يلزم المهر المعين بنفس العقد ، ويستقر بأحد ثلاثة أشياء بالدخول والموت وارتداد الزوج (١).
__________________
(١) أى ارتداده عن فطرة ، وبنحو هذه العبارة عبر الشهيد الثاني في الروضة ، فقال : ويستقر بأحد أمور أربعة : الدخول إجماعا ، وردة الزوج عن فطرة وموته في الأشهر. انتهى ، والظاهر أن الوجه في استقراره بالردة هو ثبوت المهر عليه بالعقد ، فيجب الحكم