مع أنه لا ريب في أن ما اشتملت عليه تحكيم بلا إشكال لا توكيل.
وبالجملة فإن ما ذكره ابن البراج في الكامل من كونه توكيلا مع كون الباعث الامام ، وما ذكروه من أنه أيضا توكيل مع كون الباعث الزوجين ، لا دليل عليه سوى هذه الوجوه الاعتبارية التي لفقوها ، والأخبار كما ترى على خلافها (١).
الرابع : المفهوم من كلام الأصحاب أنه لا إشكال في أن الحكمين لو رأيا الصلح واجتمعا عليه ، فإنه لا يتوقف على الاستئذان من الزوجين ، وإنما الخلاف فيما لو رأيا الفرقة بخلع أو طلاق فهل لهما الاستقلال بذلك أم يتوقف على الاستئذان؟ قولان ، قال في المسالك بعد كلام في المقام : ثم إن رأيا الإصلاح هو الأصلح فعلاه ، وإن رأيا الأصلح لهما الفراق فهل يجوز لهما الاستبداد به فيباشر حكمه الطلاق وحكمها بذل عوض الخلع إن رأيا الخلع هو الصلاح؟ أم يختص بحكمهما بالإصلاح دون الفراق؟ قولان مرتبان على كونهما وكيلين أو حكمين ، فعلى الأول لا إشكال في وجوب مراعاة الوكالة ، فإن تناولت الفراق فعلاه وإلا فلا.
وعلى الثاني ففي جواز الفراق أيضا قولان مبنيان على أن مقتضى التحكيم على الإطلاق تسويغهما فعل ما يريانه صلاحا ، فيتناول الطلاق والبذل حيث يكون صلاحا ، وبأن أمر طلاق المكلف إلى الزوج لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) «الطلاق بيد من أخذ بالساق». وهذا هو الأشهر.
أقول : لا يخفى أن ما يكررونه في هذا المقام من احتمال التوكيل ويفرعون
__________________
(١) قال السيد السند في شرح النافع : الأقرب أن المرسل لهما ان كان هو الحاكم كان بعثهما تحكيما ، وليس لهما التفريق قطعا ، وان كان الزوجان كان توكيلا ، فيجوز لهما التصرف فيما تعلقت به الوكالة من صلح أو طلاق أو بذل صداق أو غير ذلك ، وليس لهما تجاوز عما تعلقت به الوكالة. انتهى ، وظاهر كلامهم كلها على هذا المنوال ، وفيه ما عرفت في الأصل. (منه ـ قدسسره ـ).
(٢) في هامش الجامع الصغير ج ٢ ص ٩ عن الطبراني ط القاهرة ١٣٧٣ ه.