تزوج الرجل المرأة فلا يحل له فرجها حتى يسوق إليها شيئا درهما فما فوقه أو هدية من سويق أو غيره». والمعنى لا يحل له جبرها على فرجها حتى يسوق إليها مهرها أو شيئا ترضى به ، وأما إذا رضيت فهي حلال له ، ولا تحرم بلا خلاف ، ويكون المهر دينا عليه كما تدل عليه الأخبار.
ويدل عليه أيضا قول أبي جعفر عليهالسلام في صحيحة الفضيل بن يسار (١) «فالذي أخذت من الزوج قبل أن يدخل بها حل للزوج به فرجها قليلا كان أو كثيرا إذا هي قبضته منه وقبلت ودخلت عليه ، ولا شيء لها بعد ذلك».
وقول أبي عبد الله عليهالسلام في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج (٢) «إذا أهديت إليه ودخلت بيته ثم طلبت بعد ذلك فلا شيء لها». فإن فيه إشعارا وواضحا بأن لها الامتناع من الدخول حتى تقبض ما ترضى به ، ويرشد إلى ذلك ، أن فائت المال يستدرك بإقامة مثله ، وفائت البضع لا يستدرك ، لعدم إمكان قيام مثله مقامه. فينبغي أن يسلم المهر إليها أولا ثم هي تسلم نفسها ، فإذا أرادت مهرها وبذلت نفسها فعلى الحاكم أن يجبره على التسليم أولا إذا امتنع ، كما يجبره على الحقوق ، فإن بذله لها مقدما فعلى الحاكم أن يجبرها على تسليم نفسها إن امتنعت ، وهذا هو الموافق للعدل ، والمأمور به من قوله «(أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ، والمفتي به عند الكل ، انتهى.
أقول : الظاهر عندي أن ما تكلفه من هذا الدليل ، فإنه لا يشفي العليل ، ولا يبرد الغليل ، ولا يفي بالهداية إلى ذلك السبيل.
أما (أولا) فإن ما ذكره من أن تقديم المهر أو بعضه لما كان هو المتعارف في جميع الأعصار ، وبه جرت السنة ، فهو كالشرط في إطلاق العقد ، فلها الامتناع
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٣٨٥ ح ١ ، التهذيب ج ٧ ص ٣٥٩ ح ٢٢ ، الوسائل ج ١٥ ص ١٧ ح ١٣.
(٢) الكافي ج ٥ ص ٣٨٥ ح ٢ ، التهذيب ج ٧ ص ٣٥٩ ح ٢٣ ، الوسائل ج ١٥ ص ١٥ ح ١٨.