الحكم بغير الحربي ، وإلا لجاز نكاح الحربية من غير أهل الكتاب ، لأن الجميع واحد من حيث الأحكام ، مع أنه لا يقول به.
على أن بعض روايات المسألة تضمن التعبير بالذمية كرواية منصور بن حازم (١) ورواية هشام بن سالم (٢) المتقدمتين في النوع الأول ، وحينئذ فيجب حمل ما عداهما من أخبار المسألة عليهما ، ويصير الحكم مختصا بالذمية دون الحربية ، وبالجملة فإن ما ذكره من العموم عندي محل إشكال.
ثم إنه قال في المسالك أيضا : وإنما اختص أهل الكتاب باليهود والنصارى دون غيرهم ممن يتمسكون بكتب الأنبياء كصحف شئت وإدريس وإبراهيم أو بالزبور ، لأن تلك الكتب لم تنزل عليهم بنظم تدرس وتتلى ، وإنما أوحي إليهم معانيها ، وقيل : إنها كانت حكما ومواعظ لم تتضمن أحكاما وشرائع ، ولذلك كان كل خطاب في القرآن لأهل الكتاب مختصا بهاتين الملتين ، انتهى.
المسألة الثانية : في ارتداد أحد الزوجين أو إسلامه ، والكلام هنا يقع في مواضع :
الأول : قد صرح الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ بأنه لو ارتد أحد الزوجين عن الإسلام قبل الدخول انفسخ العقد بينهما في الحال ، ونسب ذلك إلى عامة أهل العلم من الأصحاب وغيرهم ، سواء كان الارتداد عن ملة أو عن فطرة ، لأن الارتداد نوع من أنواع الكفر الذي لا يباح التناكح معه.
ثم إنه لا يخلو إما أن يكون المرتد هو الزوجة أو الزوج ، فإن كان الزوجة فإنه لا شيء لها لأن الفسخ جاء من قبلها قبل الدخول بها ، ويمكن الاستدلال بفحوى ما يدل على أن النصرانية إذا أسلمت قبل الدخول انفسخ نكاحها ولا مهر لها ، كما سيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج ، فإن ذلك
__________________
(١) الكافي ج ٧ ص ٢٤١ ح ٨ ، التهذيب ج ١٠ ص ١٤٤ ح ٣ ، الوسائل ج ١٨ ص ٤١٥ ب ٤٩ ح ١.
(٢) الفقيه ج ٣ ص ٢٦٩ ح ٦٤ ، الوسائل ج ١٤ ص ٤١٩ ح ٤.