والمستند في ذلك ما رواه في الكافي (١) عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام : هل للرجل أن يتزوج النصرانية على المسلمة والأمة على الحرة؟ فقال : لا يتزوج واحدة منهما على المسلمة ، ويتزوج المسلمة على الأمة والنصرانية ، وللمسلمة الثلثان ، وللأمة والنصرانية الثلث».
وبذلك يظهر ما في كلام شيخنا الشهيد الثاني في المسالك من إنكار النص في هذه المسألة حيث قال : مساواة الحرة الكتابية للأمة في القسمة لا نص عليه ظاهرا ، لكنه مشهور بين الأصحاب ، وذكر ابن إدريس أنه مروي ، وربما استدل له باقتضاء الإسلام أن يعلو على غيره ، ولا يعلى عليه ، فلو ساوت المسلمة لزم عدم العلو ، وفيه نظر ، لأن مثل ذلك لا يقاوم الأدلة العامة المتناولة لها إلى آخره.
والعجب أيضا من سبطه السيد السند في شرح النافع حيث قال ـ بعد أن أورد الرواية المذكورة مستندا للحكم المذكور ـ ما لفظه : وسندها معتبر إذ ليس فيه من يتوقف في حاله سوى عبد الله بن محمد بن عيسى الأشعري ، فإنه غير موثق ، لكن كثيرا ما يصف الأصحاب روايته بالصحة ، مع أن عدم ظهور الخلاف في المسألة كاف في إثبات هذا الحكم ، انتهى.
أقول : لا يخفى ما فيه على الفطن النبيه من الوهن والتستر بما هو أوهن من بيت العنكبوت وإنه لأوهن البيوت ، ولكن هذا عادة أصحاب هذا الاصطلاح المحدث إذا ضاق عليهم الخناق واضطروا إلى العمل بالرواية الضعيفة باصطلاحهم لستروا بأمثال هذه الأعذار السخيفة ، وهو أظهر دليل على ضعف اصطلاحهم كما تقدم تحقيقه في غير موضع.
وكذا قوله «مع أن عدم ظهور الخلاف في المسألة كاف في إثبات الحكم» فإن فيه أن غاية ما يستندون إليه مع فقد النصف بالإجماع ، وهو هنا مما لم يدعه أحد ، ومجرد عدم ظهور الخلاف لا يدل على العدم ، والأحكام الشرعية مطلوب فيها وجود الأدلة الشرعية ، وإلا كان قولا على الله بغير علم ، فيدخل قائله تحت
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٣٥٩ ح ٥ ، الوسائل ج ١٤ ص ٤١٩ ح ٣.