أقول : والتحقيق ما عرفت من أن ما ذكروه من الصحة وكونه فضوليا إنما يتم لهم في نكاح العبد خاصة دون الأمة ، وأن المستند في بطلان عقد الأمة إنما هو الأخبار التي قدمناها ، وبه يظهر ضعف القول المشهور من الصحة مطلقا ، وضعف قول ابن إدريس من البطلان مطلقا ، وقوة قول ابن حمزة من التفصيل المذكور ، والمفهوم من جملة من الأخبار المتقدمة في المسألة المشار إليها آنفا ، أنه تكفي في الإجازة سكوت السيد بعد علمه بالنكاح وعدم إنكاره له ، وبذلك صرح ابن الجنيد فقال : لو كان السيد علم بعقد العبد والأمة على نفسه فلم ينكر ذلك ، ولا فرق بينهما ، جرى ذلك مجرى الرضا في الإمضاء ، واستقر به في المختلف وهو جيد للأخبار المشار إليها ، إلا أن موردها نكاح العبد كما عرفت ، والله العالم.
تذنيبات
الأول : المشهور بين الأصحاب أنه إذا أذن المولى لعبده في التزويج كان المهر ونفقة الزوجة على السيد ، لأن النكاح لما وقع صحيحا لزمه الحكم بثبوت المهر والنفقة ، ولا محل لهما إلا ذمة السيد ، لأن العبد لا يملك. هكذا علله في المسالك.
ونقل الشيخ في المبسوط تعلق ذلك بكسب العبد ، لأن المهر والنفقة من لوازم النكاح ، وكسب العبد أقرب شيء إليه ، فإن مصرف الكسب مؤنة الإنسان وضروراته ، ومن أهمها لوازم النكاح.
وأورد عليه بأن الدين لا بد له من ذمة يتعلق بها ، وذمة العبد ليست أهلا لذلك ، فلا بد من تعلقه بذمة السيد ، كذا ذكره السيد السند في شرح النافع. ثم اعترضه بأنه يمكن دفعه بمنع كون ذمة العبد ليست أهلا للتعلق ، ولهذا يتعلق بها عوض التلف إجماعا ، ولجواز تعلق المهر بالكسب كما يتعلق أرش الجناية برقبة الجاني ، إذ لا مانع من ذلك عقلا ولا شرعا. ثم قال : واحتمل العلامة ثبوتها