بالتقدم من الأخرى ، فالتقديم بالقرعة عدل ، ولأن تقديم واحدة بغير قرعة يقتضي الميل إليها فيدخل في الوعيد السابق من الخبر النبوي ، ولأن النبي صلىاللهعليهوآله كان يقرع بين نسائه إذا أراد سفرا ويصحب من أخرجتها القرعة ، ومن هذا الكلام علم أدلة القول الثاني.
وأما الأول فاستدل عليه في المسالك بالأصل ، ولأنه على القول بعدم وجوب الابتداء بالقسمة ، بسبيل من الاعراض عنهن جميعا ، ولما لم يبت عند بعضهن لا يلزم شيء للباقيات ، فلا يحتاج إلى القرعة ابتداء ، قال : وهذا أقوى ، وهو الذي اختاره المصنف والأكثر.
أقول : والكلام في هذا الفرع كغيره مما تقدم مما لا نص فيه ولا دليل عليه ، ولهم فيه تفريعات ليس في التطويل بها مزيد فائدة بعد ما عرفت من عدم ثبوت الأصل.
السادس : قد صرح الأصحاب بأن الواجب في القسمة هو المضاجعة ليلا دون المجامعة ، والمراد بالمضاجعة النوم معها على فراش واحد قريبا منها عادة بحث لا يعد هاجرا وإن لم يتلاصقا ، قالوا : ويدل عليه التأسي ، وظاهر قوله تعالى «وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ».
أقول : ويشير إليه أيضا قوله عزوجل «وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً» الآية ، روى الصدوق ـ رحمة الله عليه ـ في كتاب علل الشرائع (١) بإسناده إلى عبد الله بن زيد بن سلام «أنه سأل رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : أخبرني لم سمي الليل ليلا؟ قال : لأنه يلائل الرجال من النساء ، جعله الله عزوجل ألفه ولباسا ، وذلك قول الله عزوجل «وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً» (٢) فقال : صدقت يا محمد صلىاللهعليهوآله» الحديث.
وأما المواقعة فلا تجب عند الأصحاب إلا في كل أربعة أشهر مرة وقد تقدم
__________________
(١) علل الشرائع ص ٤٧٠ ح ٣٣ ط النجف الأشرف.
(٢) سورة النبإ ـ آية ١٠ و ١١.