السابع : لو دفع الأب المهر عن الولد الكبير متبرعا ، ثم طلق قبل الدخول ، فهل يعود النصف إلى الدافع وهو الأب أو إلى الزوج وهو الابن؟ قولان ، وبالثاني قطع العلامة في التذكرة على ما نقل عنه ، وتردد فيه في الشرائع ، واستشكله في القواعد ، وفي التحرير قوى الأول ، وجزم الشهيد الثاني في المسالك وسبطه في شرح النافع بالحكم برجوعه إلى الزوج ، وهو الظاهر لعين ما تقدم من أن العين قد انتقلت إلى الزوجة وصارت ملكها بعد قبضها إياها ، والعود إلى الولد إنما وقع بملك جديد ، وفي معناه ما لو دفعه أجنبي تبرعا فإن الحكم فيه بعد القبض كذلك.
قالوا : ومن هنا ظهر الفرق بين دفع الأب المهر إلى الزوجة وعدمه ، لأنه لما لم يكن المهر لازما له فهو متبرع بالوفاء فلا يخرج عن ملكه إلا بدفعه ، فإن دفع الجميع كان الحكم كما سبق ، وإن دفع النصف وطلق الولد قبل الدخول سقط النصف الآخر عن ذمة الزوج ، ولم يجب على الأب دفعه إلى الولد بغير إشكال ، لانتفاء ما يقتضيه.
ووجه تردد المحقق هنا واستشكال العلامة ما ذكروا من الأصل بقاء الملك على مالكه حيث لم يتحقق قصد التمليك ، بل غايته إرادة إبراء ذمته من الدين ، فإذا برءت بالطلاق عاد المال إلى أصله ، ودفعه في قضاء الدين عنه لا يستلزم أن يكون هبة ، حتى أنه يقال : إن الولد ملكه ، ولا يصح للأب الرجوع في هبة الولد.
ورد بما عرفت من أنه بالدفع إلى المرأة قد انتقل عن ملكه ، وصار ملكا لها قطعا.
وأما الولد فلا دخل له في ذلك ، ليقال إنه هبة أو إنه صار مملوكا للولد. بل الزوج إنما استحقه بملك جديد بعد أن صار للمرأة ، للأخبار الدالة على رجوع النصف له بالطلاق.
وقال شيخنا الشهيد الثاني في المسالك : واعلم أن الشيخ في المبسوط قطع في المسألتين بعدم عود النصف المدفوع إلى الوالد كما ذكر المصنف من غير تردد ،