وفاء دين الولد ، فإذا برءت ذمته من النصف بالطلاق ينبغي أن يعود إلى الأب.
ورد بمنع استلزام ملك الولد البضع كون عوضه عليه ، وانتفاضة ظاهر بالمتنازع ، فإن العوض على الأب إجماعا.
إنما الكلام في عوده بعد خروجه عن ملكه ، ووجوب وفائه ، ثم لا نقول : إن دفع الأب له هبة حتى يلزم ما ذكره ، وإنما فرضناه منزلا منزلة الهبة لما بينهما من المناسبة ، وإلا فهو دين وفاه المستحق عليه وانتقاله من المستحق له بالطلاق ملك آخر قهري إلى الزوج ، لا اختيار فيه لأحد.
أقول : والأظهر عندي ما تقدمت الإشارة إليه من أن الاعتماد في ذلك إنما هو على الأخبار الدالة على استحقاق الزوج للنصف بعد الطلاق قبل الدخول ورجوعه إليه ، وفيها غنية عن هذه التكلفات ولا نزاع في كونها بإطلاقها أو عمومها شاملة لموضع البحث.
السادس : لو لم يدفع الأب المهر مع لزومه له وطلقها قبل الدخول فقد قطع الشيخ في المبسوط وتبعه العلامة في القواعد بأنه لا يستحقه الابن ، وتبرأ ذمة الأب من النصف ويلزمه دفع النصف الآخر إلى الزوجة ، وعللوا ذلك بأن دفع المهر بمنزلة الهبة للولد ، فبعد قبضه لا رجوع فيها ، وقبله غير متحققة فتبرء ذمته من النصف ، فلا يملكه الولد لعدم القبض.
وفيه ـ على تقدير تسليم الاعتماد على مثل هذه التعليلات العليلة ـ أن هذا إنما يتم فيما إذا كان الأب متبرعا بالدفع عن الصغير ، كما إذا كان الصغير موسرا أو معسرا ، وقد شرط الأب عدم الضمان على القول به ، أما إذا لزمه ابتداء ، كما إذا كان الولد معسرا ولم يشترط عدم ضمانه ، فإن المهر يلزمه بالعقد سواء كان قبضته الزوجة أم لا ، حتى لو كان عينا ملكت نماؤها كما سلف ، فلا يظهر الفرق بين قبضها وعدمه هنا ، والتعليل بالهبة لا يظهر إلا مع التبرع به لا مع لزومه ابتداء وهو جيد.