لا يسقط الميسور بالمعسور». وعموم (١) «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم». وهما لا يوجدان معا في ضمن وجوب مهر المثل ، لأنه لا يجب إلا بالدخول عند القائل به ، وإمكان وجودهما في ضمن قيمة الخمر يفسد بما سنبينه من ضعف دليله له ، فلم يبق إلا المثل ، ولا شبهة في أن الرضاء بالخل المعين في الظرف يستلزم إرادة كون المهر خلا بخلاف القيمة ونحوها.
أقول : يقتضي هذا الكلام تسليم صحة ما أورده المحقق المذكور وبطلان الدليل الأول الذي قرروه ، وأن المعتمد إنما هو الدليل الذي قرره هنا.
و (ثانيها) إن الواجب مهر المثل ، إختاره العلامة في القواعد وفي أكثر كتبه مستدلا عليه بأن الكلي غير مرضي به إلا في ضمن الجزئي المشترط ، فهو منفي بتغليب التشخص عليه ، والشخصي باطل لخروجه عن المالية ، فيرجع الأمر في شرط عوض لم يسلم لها فينتقل الى مهر المثل.
وظاهر المحقق الشيخ علي في شرح القواعد اختيار هذا القول ، قال في المسالك : ويشكل بما مر ، وبأن مهر المثل ربما كان زائدا عن قيمة الخل كثيرا ، فلا يكون مقصودا للزوج أصلا ، أو ناقصا كثيرا فلا يكون مقصودا للزوجة ولا مرضيا به ، وقد قال عليهالسلام «المهر ما تراضيا عليه الزوجان». ولا يرد مثله في وجوب مثل الخل ، لأن ذلك أقرب إلى ما تراضيا عليه ، بل ربما لم يخالف ما تراضيا عليه إلا بمشخصات لا دخل لها في المقصود ولا في المالية ، فيلغو عند حصول مثل هذا العارض ، انتهى.
و (ثالثها) وجوب قيمة الخمر عند مستحليه ، وإليه ذهب الشيخ في المبسوط والخلاف ، مستندا إلى أن قيمة الشيء أقرب إليه عند تعذره ، ولأنهما عقدا على شخص باعتبار ماليته ، فمع تعذره لظهور بطلان المعاوضة عليه يصار إلى القيمة.
__________________
(١) رواه مسلم في صحيحة ج ١ ص ٥١٣ ، والنسائي ج ٢ ص ١.