ففيه أنه جيد لو لم تعارضه الرواية عنهم عليهمالسلام فإن موثقة الحسن بن الجهم (١) دلت على أن آية «وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ» قد نسخت آية «وَالْمُحْصَناتُ» وهو وإن وقع في كلام الراوي إلا أنه عليهالسلام قد قرره على ذلك ، لكن هذه الرواية معارضة بما قدمنا نقله عن تفسير النعماني.
وكلام الشيخ علي بن إبراهيم في تفسيره ـ من أن آية «وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ» قد نسخت بقوله تعالى في سورة المائدة «الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ ـ إلى قوله ـ وَالْمُحْصَناتُ» (٢) وما ذكروه من الجمع بين الآيتين بتخصيص إحداهما بالأخرى ـ لا يتم على كل من الروايتين ، بل الروايتان ظاهرتان في
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٣٥٧ ح ٦ ، والتهذيب ج ٧ ص ٢٩٧ ح ١ ، الوسائل ج ١٤ ص ٤١٠ ح ٣.
(٢) أقول : وبذلك يظهر لك ما في قوله في المسالك ـ من أنه لا وجه للنسخ بعد إمكان الجمع بين الآيتين بتخصيص عموم آية «وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ» بآية «وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ» فان فيه أن الروايات قد صرحت بالنسخ وان اختلف في أن أيتهما الناسخة وأيتهما المنسوخة.
فقوله «لا وجه للنسخ فيه» نوع اعتراض على الامام ـ عليهالسلام ـ في حكمه بالنسخ ، وهو لا يخلو من سوء أدب. نعم لو كان ذلك في مقابلة دعوى من ادعى ذلك بغير دليل اتجه ما ذكره.
وكذا قوله «وأما آية النهي عن التمسك بعصم الكوافر فليست صريحة في إرادة النكاح ، ولا فيما هو أعم منه» فان فيه أنه وان كان الأمر كذلك بالنظر الى ظاهر الآية ، ولكن بعد ورود الروايات يكون «وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ» ناسخة لاية «وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ» وورود تفسير الآية بالنكاح كما قدمنا نقله عن تفسير على بن إبراهيم ، فلا وجه لهذا الكلام ، وهل هو الا نوع رد على الامام ـ عليهالسلام ـ فيما فسر به الآية في المقام.
وبالجملة فإن كلامه هنا بعيد عن التحقيق ، وسحيق في ذلك ، وأى سحيق (منه ـ قدسسره ـ).