وحينئذ فكيف يمكن التجاسر على الحكم لها بالامتناع من تسليم نفسها بعد ملك الزوج للبضع بالعقد ، وأنه هو الناقل له ، والمبيح أن يقال فيه أنه محتمل لذلك ، لا أنه دليل شرعي يصح تأسيس الأحكام الشرعية به وترتبها عليها ، ولو صح الاعتماد على مثل هذه التخريجات في الأحكام الشرعية لاتسع المجال وعظم الاشكال ، سيما مع ما عرفت من استفاضة الآيات والروايات بالنهي عن القول والفتوى بغير علم قطعي ، ويقين شرعي كما عرفت.
وأما (ثانيا) فإن ما استند إليه من رواية أبي بصير ـ وأن المعنى أنه لا يحل له جبرها على فرجها حتى يسوق إليها مهرها أو شيئا ترضى به ـ ففيه أن المراد من الرواية كما ذكره الأصحاب قديما وحديثا إنما هو كراهة الدخول بها قبل ذلك ، وكيف لا ، وهو قد استباح فرجها بالعقد ، وملك بضعها بذلك ، فكيف يتوقف حلها على دفع المهر أو شيء آخر مع اتفاق الأصحاب على أن المهر ليس ركنا في العقد ، ويملك البضع بدون ذكره بالكلية.
ويوضح ذلك بأتم إيضاح قيام غير المهر مقامه في ذلك ، فإن الاتفاق قائم على أن حل الفرج لا يتوقف على ذلك بالكلية ، فكيف يتوهم من لفظ لا يحل هنا التحريم ، والحال كما عرفت.
ومن الأخبار الظاهرة فيما ذكرناه صحيحة بريد العجلي (١) عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «سألته عن رجل تزوج امرأة على أن يعلمها سورة من كتاب الله ، فقال : ما أحب أن يدخل حتى يعلمها السورة أو يعطيها شيئا ، قلت : أيجوز أن يعطيها تمرا أو زبيبا؟ قال : لا بأس بذلك إذا رضيت به كائنا ما كان».
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٣٨٠ ح ٤ ، التهذيب ج ٧ ص ٣٦٧ ح ٥٠ ، الوسائل ج ١٥ ص ١٢ ح ٢.