الأجنبية على إطلاقه ممنوع كما تقدم قريبا ، بل الأدلة الكثيرة صريحة في الجواز فيعلمها ولو من وراء حجاب ـ أنها ترجع بنصف الأجرة؟ احتمالان ، والظاهر أن الحكم في الصنعة إذا طلقها بعد أن علمها إياها كذلك ، ومن وجوب الرجوع عليها بنصف اجرة مثلها كما ذكره عليهالسلام في السورة ، لاشتراك الجميع في التعليم الذي هو الموجب للأجرة ، وحينئذ فيكون حكم هذه الصورة مستفاد من النص المذكور ، فلا حاجة إلى ما أطالوا به في تعليل ذلك مما تقدم نقله عنهم ، من قولهم : وأما في الثاني فلتعذر رجوعه بعين ما فرض إلى آخره.
الثالث : المشهور بين الأصحاب أنه لو أبرأته من الصداق قبل الدخول بها ثم طلقها قبل الدخول أنه يرجع عليها نصف المهر الذي وقع عليه العقد ، لأنه لا فرق بين تصرفها فيه يصرفه في مصالحها ولا بين تصرفها فيه بالإبراء منه أو بهبته له أو لغيره ، ومجملة أنها متى تصرفت فيه تصرفا ناقلا عن ملكها لازما لا يمكن الرجوع فيه ، فإنه يلزمها عوض النصف.
وحكى في القواعد وجها بعدم الرجوع ، وقبله الشيخ في المبسوط ، قال في المسالك : وهو قول لبعض العامة ، واحتجوا عليه بأنها لم تأخذ منه مالا ولا نقلت إليه الصداق ولا أتلفته عليه ، فلا تضمن.
ورد بأن ضعفه ظاهر ، فإن المهر كان مستحقا لها في ذمة الزوج ، فلما أبرأته منه انتقل عن ملكها إليه فتحقق النقل ، أو يقال : بأنها إسقاط المهر من ذمته بعد أن كان ثابتا فيها قد أتلفته ، إذ لا شبهة في أنه كان ملكها ثم خرج عنه فتغرم له البدل (١).
__________________
(١) قالوا : أما الأول فظاهر ، وأما الثاني فلاشتماله أن يستحق الإنسان في ذمة نفسه شيئا فلا يتحقق نقله اليه ، وأما الثالث فلانه لم يصدر منها الا إزالة استحقاقها في ذمته وهو ليس بإتلاف البتة ، ورد هذه الوجوه في المسالك بكلام يطول ذكره ليس في نقله مزيد فائدة بعد ما عرفت في الأصل ، ومن أحب الوقوف عليه فليرجع الى الكتاب المذكور. (منه ـ قدسسره ـ).