ولا فرق في ذلك بين الدخول وعدمه ، ولا بين ما لو كان ما تدعيه مهر المثل أم أقل.
وألحق به بعض الأصحاب الاختلاف في الحلول والتأجيل ، أو في تقدير الأجل ، بل جعلها من أفراد الاختلاف في الصفة ، واستشكله في المسالك بأن الأصل عدم التأجيل وعدم زيادة الأجل عما تدعيه ، فهي المنكرة وهو المدعي ، فتقديم قوله فيهما ممنوع ، قال : ولو قيل بالتحالف على تقدير الاختلاف في الصفة لأن كلا منهما منكر ما يدعيه الآخر خصوصا مع تصريح كل منهما بكون ما يدعيه هو الذي وقع عليه العقد كان وجها فيثبت مهر المثل ، إلا أن يزيد على ما تدعيه المرأة أو ينقص عما يدعيه الزوج ، انتهى.
وألحق جماعة من الأصحاب منهم الشيخ في المبسوط وابن إدريس والعلامة في التحرير اختلافهما في جنسه بالاختلاف في قدره ، كما لو قالت : المهر مائة دينار فقال : بل مائة درهم ، واستدلوا عليه بأن الزوج منكر ، فيكون القول قوله.
قال في المسالك : والاشكال فيه أقوى ، ووجه التحالف فيه أولى ، إلا أن الأصحاب أعرضوا عنه رأسا ، وجماعة من العامة أثبتوه في أكثر هذه المسائل حتى في الاختلاف في أصل المهر ، وما حققناه أظهر.
أقول : ما ذكره من اختيار القول بالتحالف في هذه المواضع يخالف ما قدمه في كتاب البيع في مسألة اختلاف المتبايعين ، فإنه قد جعل لذلك ضابطة ، وهو ادعاء كل منهما على صاحبه ما ينفيه الآخر ، بحيث لا يتفقان على أمر ، فلو اتفقا على أمر خرج ذلك عن مقتضى الضابطة المذكورة ، وفي هذا الموضع قد اتفقا على أمر ، وإنما الاختلاف في الزيادة التي يدعيها المدعي والزيادة في الوصف أو الزيادة في الجنس ، وقد تقدم منا تحقيق الكلام في ذلك في المسألة المذكورة في كتاب التجارة ، وتحقيق آخر أيضا في آخر أبواب الإجارة فليرجع إليه من أحب الوقوف عليه. وكيف كان فالاحتياط فيما عدا المنصوص من هذه المواضع بالصلح ونحوه أولى.