قال : فلمّا رأى قوم لوط ذلك (قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) لا تقري ضيفا ينزل بك ، فإنّك إن فعلت فضحنا ضيفك وأخزيناك فيه. وكان لوط وإبراهيم لا يتوقّعان نزول العذاب على قوم لوط ، وكانت لإبراهيم ولوط منزلة من الله شريفة ، وأنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ كلّما كان هم بعذاب قوم لوط أدركته فيهم مودّة إبراهيم وخلّته ومحبّة (١) لوط ، فيراقبهم فيه فيؤخّر عذابهم.
قال أبو جعفر : فلمّا اشتدّ أسف الله على قوم لوط وقدّر عذابهم وقضاه ، أحبّ أن يعوّض إبراهيم بعذاب قوم لوط بغلام عليم (٢) فيسلّي به مصابه بهلاك قوم لوط. فبعث الله رسلا إلى إبراهيم يبشّرونه بإسماعيل ، فدخلوا عليه ليلا ففزع منهم وخاف أن يكونوا سرّاقا.
قال : فلمّا أن رأته الرّسل فزعا وجلا قالوا سلاما قال سلام (قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ ، قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ).
قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : والغلام العليم (٣) هو إسماعيل من هاجر. فقال إبراهيم للرّسل : (أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ، قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ). فقال إبراهيم للرّسل بعد البشارة : (فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ ، قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) (٤) لننذرهم عذاب ربّ العالمين.
قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : فقال إبراهيم للرّسل : (إِنَّ فِيها لُوطاً) (الآية).
(قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) (فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ ، قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ، قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ). يقول : من عذاب الله لننذر قومك العذاب. (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) يا لوط إذا مضى من يومك هذا سبعة أيّام ولياليها (٥) (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ) إلّا امرأتك أنّه مصيبها ما أصابهم.
قال أبو جعفر : فقضوا إلى لوط (ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ).
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : محبّته.
(٢) المصدر : حليم.
(٣) المصدر : الحليم.
(٤) النمل / ١٢ وغيره.
(٥) المصدر : بلياليها.