حديث طويل. يقول مجيبا لبعض الزّنادقة ـ وقد قال : أجد الله ـ تعالى ـ يقول : (يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) (١) و (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) (٢) و (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) (٣) وما أشبه ذلك. فمرّة يجعل الفعل لنّفسه ومرّة لملك الموت ومرّة للملائكة ـ : فأمّا قوله (٤) ـ عزّ وجلّ ـ : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها). وقوله (يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ). و (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) و (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ). و (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) فهو ـ تبارك وتعالى ـ أجلّ وأعظم من أن يتولّى ذلك بنفسه ، وفعل رسله وملائكته فعله لأنّهم بأمره يعملون. فاصطفى ـ تعالى ذكره ـ من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه ، وهم الّذين قال الله فيهم : (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ). فمن كان من أهل الطّاعة تولّت قبض روحه ملائكة الرّحمة ، ومن كان من أهل المعصية تولّت قبض روحه ملائكة العذاب والنّقمة. ولملك الموت أعوان من ملائكة الرّحمة والنّقمة يصدرون عن أمره ، وفعلهم فعله ، وكلّ ما يأتونه منسوب إليه. وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت وفعل ملك الموت فعل الله لأنّه يتوفّى الأنفس على يد من يشاء ويعطى ويمنع ويثيب.
وفي من لا يحضره الفقيه (٥) : وسئل الصّادق ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : [(اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) (٦) وعن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) (٧) وعن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ] (٨) (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) و (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) (٩) وعن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) (١٠) وعن قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ) (١١) وقد يموت [في الدنيا] (١٢) في الساعة الواحدة في جميع الآفاق ما لا يحصيه إلّا الله ـ عزّ وجلّ ـ. فكيف هذا؟
فقال : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ جعل لملك الموت أعوانا من الملائكة يقبضون
__________________
(١) السجدة / ١١.
(٢) الزمر / ٤٢.
(٣) النحل / ٣٢.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : وأمّا قول الله.
(٥) الفقيه ١ / ٨٢ ، ح ٣٧١.
(٦) الزمر / ٤٢.
(٧) السجدة / ١١.
(٨) من المصدر. (٩) النحل / ٢٨.
(١٠) الانعام / ٦١.
(١١) الانفال / ٥٠. (١٢) ليس في المصدر.