الثّاني أنّهما سيّان في حسن الإطلاق والإفضاء إلى المقصود ، وهو أجود (١) لقوله : (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى).
والدّعاء في الآية بمعنى : التّسمية. وهو يتعدّى إلى مفعولين حذف أوّلهما استغناء عنه ، و «أو» للتّخيير ، والتّنوين في «أيّا» عوض عن المضاف إليه ، و «ما» صلة لتأكيد ما في «أيّا» من الإبهام ، والضّمير في «له» للمسمّى ، لأنّ التّسمية له لا للاسم ، وكان أصل الكلام : أيّا ما تدعوا فهو حسن ، فوضع موضعه «فله الأسماء الحسنى» للمبالغة والدّلالة على ما هو الدّليل عليه ، وكونها حسنى لدلالتها على صفات الجلال والإكرام.
وفي أصول الكافي (٢) : عليّ بن محمّد ، عن صالح بن أبي حمّاد ، عن الحسين بن يزيد ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ، عن إبراهيم بن عمر ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ خلق اسما (٣) بالحروف غير مصوّت (٤) ، وباللّفظ غير منطق ، وبالشّخص غير مجسّد ، وبالتّشبيه غير موصوف ، وباللّون غير مصبوغ ، منفيّ عنه الأقطار ، مبعّد عنه الحدود محجوب عنه حسّ (٥) كلّ متوهّم ، مستتر غير مستور ، فجعله (٦) كلمة تامّة على أربعة أجزاء معا ، ليس منها واحد قبل الآخر ، فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها ، وحجب منها واحدا وهو الاسم المكنون المخزون ، فهذه الأسماء الّتي ظهرت ، فالظّاهر هو الله ـ تبارك وتعالى ـ.
وسخّر سبحانه لكلّ اسم من هذه الأسماء أربعة أركان ، فذلك اثنا عشر ركنا ، ثمّ خلق لكلّ ركن منها ثلاثين اسما فعلا منسوبا إليها ، فهو الرّحمن ، الرّحيم ، الملك ، القدّوس ، الخالق ، البارئ ، المصوّر ، الحيّ ، القيّوم ، لا تأخذه سنة ولا نوم ، العليم ، الخبير ، السّميع ، البصير ، الحكيم ، العزيز ، الجبّار ، المتكبّر ، العليّ ، العظيم ، المقتدر ، القادر ، السّلام ، المؤمن ، المهيمن ، البارئ (٧) ، المنشئ ، البديع ، الرّفيع ، الجليل ، الكريم ، الرّازق ، المحيي ، المميت ، الباعث ، الوارث. فهذه الأسماء وما كان من الأسماء الحسنى حتّى تتمّ ثلاثمائة وستّين اسما فهي نسبة لهذه الأسماء الثّلاثة ، وهذه
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : جواب.
(٢) الكافي ١ / ١١٢ ، ح ١.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : أسماء.
(٤) المصدر : متصوّت.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : حسن.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : فجعل.
(٧) المصدر : [البادئ].