محسوس ولا مجسوس ولا تدركه الأبصار ، علا فقرب ، ودنا فبعد ، وعصي فغفر ، وأطيع فشكر ، لا تحويه أرضه ، ولا تقلّه سماواته ، وإنّه حامل الأشياء بقدرته ، ديموميّ ، أزليّ ، لا ينسى ولا يلهو ولا يغلط ولا يلعب ، ولا لإرادته فصل ، وفصله جزاء ، وأمر واقع ،] (١) ، لم يلد فيورث ، ولم يولد فيشارك ، ولم يكن له كفوا أحد.
وبإسناده (٢) إلى ابن أبي عمير : عن موسى بن جعفر ـ عليهما السّلام ـ أنّه قال : واعلم أنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ واحد أحد صمد ، لم يلد فيورث ، ولم يولد فيشارك.
وفي نهج البلاغة (٣) : لم يلد فيكون مولودا ، ولم يولد فيصير محدودا ، جلّ عن اتّخاذ الأبناء.
وفي أصول الكافي (٤) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن العبّاس بن عمرو الفقيميّ (٥) ، عن هشام بن الحكم ، في حديث الزّنديق الّذي أتى أبا عبد الله ، وكان من قول أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : لا يخلو قولك : إنّهما اثنان ، من أن يكونا قديمين قويّين ، أو يكونا ضعيفين ، أو يكون أحدهما قويّا والآخر ضعيفا.
فإن كان قويّين ، فلم لا يدفع كلّ منهما صاحبه وينفرد بالتّدبير؟ وإن زعمت أنّ أحدهما قويّ والآخر ضعيف ثبت أنّه واحد ، كما تقول للعجز الظّاهر في الثّاني.
فإن قلت : إنّهما اثنان ، لم يخل من أن يكونا متّفقين من كلّ جهة ، أو مفترقين (٦) من كلّ جهة. فلمّا رأينا الخلق منتظما والفلك جاريا والتّدبير واحدا واللّيل والنّهار والشّمس والقمر ، دلّ صحّة الأمر والتدبير وائتلاف الأمر على أنّ المدبّر واحد. ثمّ يلزمك إن ادّعيت اثنين فرجة ما بينهما حتّى يكونا اثنين ، فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما فيلزمك ثلاثة. فإن ادّعيت ثلاثة لزمك ما قلنا (٧) في الاثنين حتّى تكون بينهم فرجتان (٨) ، فيكونوا خمسة ، ثمّ يتناهى في العدد إلى ما لا نهاية له في الكثرة.
والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.
وفي كتاب الإهليلجة (٩) : قال الصّادق ـ عليه السّلام ـ في كلام طويل : فعرف
__________________
(١) من المصدر.
(٢) نفس المصدر / ٧٦ ، ح ٣٢.
(٣) النهج / ٢٧٣ ، الخطبة ١٨٦.
(٤) الكافي ١ / ٨٠ ـ ٨١ ، ح ٥.
(٥) أ ، ب : الفقمي.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : متفرقين.
(٧) المصدر : قلت.
(٨) المصدر : فرجة.
(٩) بحار الأنوار ٣ / ١٦٧.