(آمِناً) : ذا أمن لمن فيها.
قيل (١) : والفرق بينه وبين قوله : (اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) أنّ المسئول في الأوّل إزالة الخوف عنه وتصييره آمنا ، وفي الثّاني جعله من البلاد الآمنة (٢).
(وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَ) : بعّدني وإيّاهم (أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) (٣٥) ، واجعلنا منها في جانب.
وقرئ (٣) : «وأجنبني» وهما على لغة نجد. وأمّا أهل الحجاز فيقولون : جنّبني شرّه.
قال البيضاويّ : وهو بظاهره لا يتناول أحفاده وجميع ذرّيّته ، وزعم ابن عينية أنّ أولاد إسماعيل ـ عليه السّلام ـ لم يعبدوا الصّنم محتجّا به ، وإنّما كانت لهم حجارة يدورون بها ويسمّونها : الدّوّار ، ويقولون : البيت حجر ، فحيث ما نصبنا حجرا فهو بمنزلته.
ويؤيّد قول ابن عينية ما رواه العيّاشي (٤) ، عن الزّهري قال : أتى رجل أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ فسأله عن شيء ، فلم يجبه.
فقال له الرّجل : فإن كنت ابن أبيك فإنّك من أبناء (٥) عبدة الأصنام.
فقال له : كذبت ، إنّ الله أمر إبراهيم أن ينزل إسماعيل بمكّة ، ففعل ، فقال إبراهيم : (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) فلم يعبد أحد من ولد إسماعيل صنما ، ولكنّ العرب عبدة الأصنام ، وقالت بنو إسماعيل : هؤلاء شفاؤنا [عند الله] (٦). فكفرت ، ولم تعبد الأصنام.
وما رواه الطّبرسيّ في كتاب الاحتجاج (٧) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ من حديث طويل ، وفيه يقول ـ عليه السّلام ـ : قد حظر على من مسّه (٨) الكفر تقلّد ما فوضّه إلى
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٥٣٢.
(٢) أي : قوله ـ تعالى ـ : (اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) يدلّ على أنّه سأل جعله بلدا ذا أمن ، لأنّ البلد مفعول «يجعل» وقوله ـ تعالى ـ : (اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً) يدلّ على أنّه سأل جعله ذا أمن لا جعله بلدا.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٥٣٢.
(٤) تفسير العياشي ٢ / ٢٣٠ ، ح ٣١.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : ابن.
(٦) من المصدر.
(٧) الإحتجاج ١ / ٢٥١.
(٨) المصدر : ماسّه.