فقالت له هاجر : يا إبراهيم ، ما كنت أرى أنّ نبيّا مثلك يفعل ما فعلت.
قال : وما فعلت؟
قالت : إنّك خلّفت امرأة ضعيفة وغلاما ضعيفا لا حيلة لهما بلا أنيس من بشر ، ولا ماء يظهر ، لا زرع قد بلغ ، ولا ضرع يحلب.
قال : فرّق إبراهيم ودمعت عيناه عند ما سمع منها ، فأقبل حتّى انتهى إلى باب بيت الله الحرام فأخذ بعضادتي الكعبة ، ثمّ قال : (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي) (الآية).
قال أبو الحسن ـ عليه السّلام ـ : فأوحى الله إلى إبراهيم : أن اصعد أبا قبيس فناد في النّاس : يا معشر الخلائق ، إنّ الله يأمركم بحجّ هذا البيت الّذي بمكّة محرّما من استطاع إليه سبيلا فريضة من الله.
[قال :] (١) فمدّ الله لإبراهيم في صوته ، حتّى أسمع به أهل المشرق والمغرب ، وما بينهما من جميع ما قدّر الله وقضى في أصلاب الرّجال من النّطف ، وجميع ما قدّر الله وقضى في أرحام النّساء إلى يوم القيامة. فهناك [يا فضل] (٢) وجب الحجّ على جميع الخلائق والتّلبية من الحاجّ في أيّام الحجّ ، هي إجابة لنداء إبراهيم ـ عليه السّلام ـ يومئذ بالحجّ عن الله.
وفي أصول الكافي (٣) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ان أذينة ، عن الفضيل ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : أنّه (٤) نظر إلى النّاس يطوفون حول الكعبة ، فقال : هكذا كانوا يطوفون في الجاهليّة ، انّما أمروا أن يطّوّفوا بها ، ثمّ ينفروا إلينا فيعلمونا ولايتهم ومودّتهم ويعرضوا علينا نصرتهم. ثمّ قرأ هذه الآية : (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ).
وفي روضة الكافي (٥) : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن محمّد بن سنان ، عن زيد الشّحّام قال : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ لقتادة (٦) : من
__________________
(١ و ٢) من المصدر.
(٣) الكافي ١ / ٣٩٢ ، ح ١.
(٤) المصدر : قال.
(٥) الكافي ٨ / ٣١١ ، ح ٤٨٥.
(٦) قتادة بن دعامة ، من مشاهير محدّثي العامّة ومفسّريهم ، روى عن أنس بن مالك وأبي الطفيل وسعيد بن المسيّب والحسن البصريّ وغيرهم.