وفي هذا الحديث تحذير آخر للانسان بان لا يذهب باعماله الخالصة الماضية بذنوبه المقبلة.
(أيَوَدُّ أحَدَكُم أنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيْلٍ وَأعْنَابٍ) إنَّ الإشارة إلى فاكهة العنب والتمر دون غيرهما يفيد أنهما أهم أغذية للبشر ، أما الأهم منها فمعدم أو قليل.
(تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ فِيْهَا مِنْ كُلِّ الثَمَرَاتِ) البستان قد يحتوي على بركة أو قنال يسقى منها ، والأخير قد يستدعي بذل المال مقابل الماء. وفي كلا الحالتين ، إنَّ السقي بهما يستلزم متاعب وزحمات جمة. إلَّا أنَّ البستان الذي تحدثت عنه الآية يقع في مسير نهر ، وهذا يعني أنَّ السقي لهذا البستان مريح جداً ولا يستدعي تحمل زحمات وافرة. اضافة إلى هذا ؛ فإنَّ في هذا البستان فواكه من قبيل التمر والعنب.
(وأصَابَهُ الكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءٌ) أي أنَّ صاحب هذا البستان أصبح شيخاً كبيراً.
وضعف الذرية اشارة إلى عدم امكانهم اعانته على شؤون البستان ، بل انَّ عبء هؤلاء الأطفال واقع جميعاً على عاتق هذا الشيخ ، وهذا البستان لا يحتاج إلى عناية كبيرة ومستمرة فيمكنهم التمتع بمحاصيله وثماره.
(فَأصَابَهَا إعْصَارٌ فِيْهِ نَارٌ فاحْتَرَقَتْ) أي في الوقت الذي يكون فيه الشيخ بأمسِّ الحاجة إلى هذا البستان يأتي إعصار من نار يحرق هذا البستان ويبدله إلى تل من الرماد ثم يذهب هذا الرماد مع الريح متناثراً بحيث لا يبقى أي اثر منه.
الإعصار يحصل اثر اصطدام ريحين قادمين من اتجاهين مختلفين ، وهو يحضى بقدرة عجيبة إذا حصل في مكان فانه يذهب معه كل ما يكون هناك من اشياء ، فقد يذهب بماء حوض مع اسماكه ويسقطها في مكان اخر بحيث يتصور البعض انّ الاسماك جاءت من السماء ، وقد يرفع انساناً من مكانه ويلقيه في مكان آخر.
سؤال : كيف يحصل النار ويتزامن مع هذا الاعصار؟
هناك إجابات عديدة لهذا السؤال :
الف ـ يعتقد البعض أنَّ الاعصار خالٍ من النار ، والنار تقدم من الصواعق فالصاعقة تحرق البستان ثم يأتي الاعصار ليذهب برماد البستان وينقله إلى مكان آخر.