والزّمنى (١) فإنّ في هذه الطبقة قانعاً (٢) ومعتراً (٣) واحفظ لله ما استحفظك (٤) من حقه فيهم ، واجعل لهم قسماً من بيت مالك وقسماً من غلّات (٥) صوافي (٦) الإسلام في كل بلد ، فان للاقصى منهم مثل الذي للادنى وكل قد استرعيت حقه ، فلا يشغلنك عنهم بطر (٧) فانك لا تعذر بتضييعك التافه (٨) لاحكامك الكثير المهم. فلا تشخص همك (٩) عنهم ولا تصعر خدك لهم (١٠) وتفقد امور من لا يصل إليك منهم ممن تقتحمه العيون وتحقره الرجال ففرغ لاولئك ثقتك». (١١)
ما أحسن هذا. إنَّه حديث جميل حقاً! فهو كالشمس التي لا زالت تضيء رغم مضي أكثر من ألف سنة على عمره وكل يوم يزداد ضياؤه. أحسن قائل هذا الحديث أحسن وأحسن ألف مرة. إنه حديث أهل لأن يكتبه الحكام بماء الذهب ليجعلونه على رأس قائمة اعمالهم.
المدهش هو أنّ اسوة الأخلاق هذه ، شخصية كانت حاكمة ، ورغم ذلك توصي بالناس وبخاصة المستضعفين والمحرومين منهم خيراً. إنَّ رِجَال الدول الغربية حالياً يمثلون قدوة أخرى ونوع آخر من الحكام حيث يرتضون مقتل الالاف من المحرومين لاجل مصالحهم المادية. انظر للمفارقات!
سؤال : قد يتمانع الحفاظ على القيم الأخلاقية مع التنمية الاقتصادية ، فكيف يمكن الجمع بين هذه القيم والتنمية المطلوبة؟
__________________
(١) جمع زمين وهو المصاب بالزمانة ، أي العاهة ، يريد ارباب العاهات المانعة لهم عن الاكتساب.
(٢) السائل.
(٣) المتعرض للعطاء بلا سؤال.
(٤) طلب منك حفظه.
(٥) ثمرات
(٦) أرض الغنيمة.
(٧) طغيان بالنعمة.
(٨) الحقير.
(٩) أي لا تصرف اهتمامك عن ملاحظة شؤونهم.
(١٠) الامالة اعجاباً وكبراً.
(١١) تفريغ الثقة يعني جعل اشخاص يتفرغون للبحث عنهم لمعرفة احوالهم يكونون ممن تثق بهم.