الدنيوي من ثواب أو عقاب.
إنَّ ما أثار دهشة وإعجاب منكري المعاد في صدر الإسلام هو القول بالمعاد الجسماني لا الروحاني ؛ وذلك لأنَّ عقل أكثر الناس في عيونهم فيصدقون ما يرون ويكذبون ما لم يروا. من هنا كان يسأل منكرو المعاد : كيف يمكن أن يحيى الإنسان بعد ما تبدل إلى تراب بعد الموت بحيث يتعذّب يوم القيامة؟ فأجابهم الله على شبهتهم هذه في الآيتين ٧ و ٨ من سورة سبأ حيث قال : (قَالَ الَّذينَ كَفَرُوا هَلْ نُدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً أمْ بِهِ جنّةٌ بَلِ الَّذينَ لَا يُؤمِنُونَ بالآخِرةِ فِي العَذَابِ والضَّلالِ البَعِيْدِ) (١)
لقد تمسك القرآن المجيد بالمثل لاثبات المعاد الجسماني والروحاني ، كما هي سيرته في تفهيم المطالب لمخاطبيه. وقد أفاد هنا من ثلاثة أمثال :
١ ـ التمثيل بالنباتات وتشبيه الحياة بعد الموت بإحياء النباتات بعد موتها.
٢ ـ التمثيل بالمراحل الجنينية لخلق الإنسان حيث تبدأ حياته بنطفة صغيرة تنمو كل يوم ، ويُعدُّ كل يوم من هذه المراحل حياة جديدة لهذا الجنين.
٣ ـ التمثيل بنوم أصحاب الكهف ، فإنَّ نومهم كان بمثابة الموت ، ويقظتهم كانت بمثابة الحياة الجديدة بعد سنوات عديدة.
كيف يمكن لشخص أن يستيقظ من النوم سالماً بعد أكثر من ثلاثمائة سنة دون أن يأكل أو يشرب خلال هذه الفترة؟
حسب ما أقرته الآية ، انَّ أصحاب الكهف ناموا مدّة مليون يوماً ، وخلال هذه الفترة لم يتناولوا شيئاً من الطعام أو الماء رغم هذا استيقظوا سالمين ، مع أنَّ الإنسان العادي لا يستطيع العيش لأكثر من يومين أو ثلاثة دون أكل وشرب.
من عجائب خلق الإنسان هو قلبه ، فان ضرباته تصل إلى مأة الف ضربة في اليوم. وإذا
__________________
(١) لمعرفة المزيد في مجال المعاد الجسماني راجع نفحات القرآن ٥ : ٢٧٢ فما بعدها.