ولأجل إيضاح أهمية الدعاء نشير إلى ثلاث آيات من القرآن وست روايات من المعصومين :
١ ـ يقول الله تعالى في الآية ٦٠ من سورة غافر (المؤمن) : (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُوني أسْتَجِبْ لَكُمْ إنَّ الّذِين يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّم دَاخِرِينَ)
استخدمت الآية في البداية مادة (الدعاء) ثم أبدلتها بمادة (العبادة) في نهاية الآية.
لماذا عبّر القرآن بالعبادة عن الدعاء؟
قال البعض : إنَّ العبادة بمعناها المطلق هي دعاء ، ولأجل ذلك كان تعبير الروايات بأنَّ «الدعاء مخ العبادة». (١)
٢ ـ يقول الله تعالى في الآية ٧٧ (آخر آية) من سورة الفرقان : «(قُلْ مَا يَعْبَؤُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُم فَقَد كَذَّبْتُم فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامَاً)
إنَّ هذا التعبير (ما يعبؤُ بِكُم ...) والذي يعني عدم اهتمام الله بكم لو لم تدعوا ، لم يستعمل في العبادات الاخرى مثل الحج والصوم والجهاد وغير ذلك ، وقد استخدم في الدعاء فقط ، وهو تعبير يعني باطلاقه أنّ الذي يجعل الله يهتم بكم ويعتني رغم الذنوب والآثام هو الدعاء ، فقدروا هذه العبادة وثمّنوها.
٣ ـ يقول الله تعالى في الآية ١٨٦ من سورة البقرة بعد الحديث عن فضيلة واحكام شهر رمضان المبارك : (وإذا سَألك عِبَادِي عَنِّي فَإنِّي قَرِيْبٌ أُجِيْبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَليُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)
لا شكّ أنّ تعبير الآية التالية : (نحن أقْرَبُ إلَيكْمْ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ) (٢) للإشارة إلى قرب الخالق إلى المخلوق ، هو أجمل تعبير يمكن أن يرد في هذا المجال.
وعلى هذا ، فإنَّ التفكير في الآيات السابقة يرشدنا إلى أنَّ الدعاء من وجهة نظر الإسلام أمر مهم جداً بحيث اضافة إلى كونه عبادة يوجب اعتناء الرب بالإنسان ، كونه وسيلة لتقرّب العبد إلى مولاه.
الدعاء في الروايات
__________________
(١) ميزان الحكمة ، الباب ١١٨٩ ، الحديث ٥٥١٩.
(٢) سورة ق. الآية ١٦.