المشرفون عليه عن فتح المنافذ والبوابات المخصصة لتقليل وطأة ضغط الماء على السدّ ، الأمر الذي يؤدي إلى كسر السدّ وإذهاب جهود سنوات من العمل سدى.
وعلى هذا ، فمسألة الحبط لا تختص بالقضايا الدينية والعقائدية ، بل إنَّها جارية في قضايا التكوين والممارسات اليومية والعادية للإنسان ، ولا يتنافى ذلك مع العدالة الإلهية. علماً أنَّ المسبب الأساسي لهذا الاحباط هو الإنسان نفسه ، فهو نفسه المسبب في اندلاع الحريق في البستان وتبدد طاقات جسم الإنسان المتعاطي للمخدرات وانكسار السد وتهديمه.
إذن ، على المسلمين أن لا يفكروا بالاتيان بالأعمال الحسنة فحسب ، بل عليهم التفكير في الحفاظ على هذه الأعمال. فإنَّ الحفاظ على الأعمال أصعب بمرات من الاتيان بها ، فقد يقدم الإنسان على إحراق بستان حياته بوسائل بسيطة جداً ، وكمثال على ذلك ما ورد في الآية ٢٦٤ من سورة البقرة ، التي اعتبرت أنّ المنّ والأذى عوامل لاحباط الانفاق والصدقات.
إذا تبنى شخص يتيماً وربّاه منذ صغره وأنفق عليه الكثير وأرسله إلى المدرسة الابتدائية ثم الاعدادية والجامعة ، ثم وفّر له فرصة الزواج وعمل على تزويجه ، وفي يوم من الأيام وفي مجلس عام أراد أن يتباهى هذا الشخص ويمنّ على اليتيم فقال له : (لم تكن إلّا طفلاً يتيماً فأعلتك وأنفقت عليك وأرسلتك إلى المدرسة والجامعة وأنا الذي منحتك هذا الشأن و...) ؛ فوفقاً لمفاد آيات القرآن ، هذا الشخص أحبط أعماله التي أنجزها طوال حياته.
وحسب المستفاد من بعض آيات القرآن ، انَّ المسلمين ما كان لهم الحقّ أن يسيئوا الادب للرسول صلىاللهعليهوآله أو يرفعوا أصواتهم عليه ، وإلّا فتحبط أعمالهم : (يَا أيُّهَا الّذينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أصْوَاتَكُم فَوْقَ صَوْتِ النّبيّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَولِ كَجَهْرِ بَعْضِكُم لِبَعْضٍ أنْ تَحْبَطَ أعْمَالُكُم وَأنْتُم لَا تَشْعُرُونَ) (١)
كما أنَّه عدّ مرض الحسد النفسي من عوامل الاحباط .. في بعض الروايات. يقول الرسول صلىاللهعليهوآله : «إيّاكم والحسد فإنّه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب». (٢)
في النهاية : انّ الايمان والولاية شرطان لصحة الأعمال ، وعدمهما يحبط العمل سواء كان في بداية العمر أو أثنائه.
__________________
(١) الحجرات : ٢.
(٢) ميزان الحكمة ، الباب ٨٥٠ ، الحديث ١٣٩٤ ، كما جاء نفس المضمون في الحديث ٣٩٣٨.