بطريق والسعي الأوفر للخلاص مما هو فيه. فيجد حطباً بعد البحث المتوالي فيستوقد ناراً ثم يأخذ بشعلة نار بيده ، إلّا أنّ الريح تطفئ الشعلة فيبادر إلى جمع حطب آخر ليوقد ناراً أخرى إلّا ان بحثه هذا لا يؤدي به إلا إلى ضلال آخر وانحراف عن الطريق تارة اخرى.
إنَّ المنافقين كهذا المسافر فهم قد ضلوا الطريق. انهم يعيشون في ظلمات في حياةٍ مضيئة.
تخلفوا عن قافلة الانسانية والايمان. ولا دليل لهم على الطريق ، لأنّ الله سلب عنهم نور الهداية ، وتركهم في ظلمات.
للمنافقين شخصيات مزدوجة ، ظاهرها مسلمة وباطنها كافرة ؛ ظاهرها صادقة وباطنها كاذب ؛ ظاهرها مخلص وباطنها مرائي ، ظاهرها أمين وباطنها خائن ، ظاهرها الصداقة وباطنها العداوة و.. انهم يصنعون من ظاهرهم إنارة خادعة. يتظاهرون بالاسلام وينتفعون بمزايا الإسلام ؛ فذبيحتهم حلال واعتبارهم وعرضهم محفوظ وأموالهم محترمة ، ويتمتعون بحق الزواج من المسلمين و.. انهم يتمتعون بمنافع مادية ودنيوية قليلة يحصلون عليها من خلال تلك النار التي استوقدوها ، إلا ان هذه النار تخمد بعد الموت (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) ويتركهم الله آنذاك في ظلمات القبر والبرزخ والقيامة وحينئذ يدركون ان لا فائدة في اسلامهم الظاهري وايمانهم الريائي.
النتيجة هي أن في الآية أو المثل تشبيهاً ، المنافقون هم المشبهون والمسافر المحتار في الصحراء هو المشبه به ووجه الشبه هو الحيرة والضلالة وأن لا أثر لسعيه الظاهري.
(التفسير الثاني :) فيما يخص التفسير الأول ينبغي التذكير هنا بان الاضاءة الظاهرية لتلك النار والظلمات التي تلحق تلك الإضاءة لا تختص بعالم القيامة المعنوي ؛ بل إنّ لها نتائج في هذه الدنيا كذلك.
لا يتمكن المنافق اخفاء نفاقه للابد فانه سيفتضح في النهاية ؛ وهذا يحصل فيما لو وجد نفسه أو مصالحه عرضة للخطر والفناء ، فانه يفصح عن خلده القذر آنذاك كما افصح المنافقون في صدر الإسلام عن بواطنهم في الحروب والحوادث المختلفة؟!
ألم نرَ بأم اعيننا في الثورة الاسلامية وخلال النهضة التي سبقتها كم من المنافقين كشفوا بمرور الزمن عن بواطنهم النتنة وأزالوا نقاب النفاق عمّا في دواخلهم وافتضحوا في هذه الدنيا