رغم أن الروايات حكت سعة باب التوبة وأنه باب يدخله المذنبون والعاصون والمجرمون إلَّا أن هذا الباب يُغلق في ثلاثة أزمنة :
(الف : التوبة عند نزول البلاء)
إذا تاب الانسان عند تورطه بشوكة البلاء فلا تُقبل توبته.
ولهذا يقول الله في الآية ٦٥ من سورة العنكبوت :
(فَإِذا رَكِبوُا في الُفلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخلِصِينَ لَهُ الدِّين فَلَمَّا نَّجاهُمْ إلى البَرِّ إِذَا هُمْ يُشرِكُونَ)
أي أنهم يتوبون ويدعون الله عند ما يبتلون بأمواج البحر وعند ما يشعرون بتهديد وتحدّي الموت ، وتوبتهم هنا مرفوضة ؛ لأنها نشأت عن اضطرار ، وهي من قبيل إعلان شخص عن توبته واستغفاره تحت ضربات السوط ، فإن توبةً من هذا القبيل غير مقبولة.
هؤلاء المشركون الذين أعلنوا عن توبتهم واستغفارهم ودعوا الله في ظرف الخوف الذي عاشوه في السفينة ، وعند ما يهدأ البحر أو ترسو السفينة قرب اليابسة ينسون الله تارة اخرَى ويعودون إلى شركهم.
إذن ، لا تُقبل توبة كهذه ؛ لأن التوبة هي التي يتغيّر معها منهج حياة الانسان ، وهذه التوبة لم تغيِّر من منهج المشركين ولا سلوكهم شيئاً.
التوبة التي تحصل في الزنزانة وتُنسى بعد الخروج منها ، أو التي تحصل عند المرض وتُنسى بعد الشفاء ، أو التي تحصل في خضم الحوادث وتُنسى بعدها ، هذه كلها توبات غير مقبولة ؛ لأنها ردود فعل مؤقتة تحصل إثر جلد الحوادث الإلهية وصفعاتها.
(باء : توبة المذنبين عند الموت)
عند ما يسمع الانسان صفعة الأجل وتفتح عينيه نحو البرزخ ويتبلور عنده اليقين بالموت والوداع مع الدنيا فلا تقبل منه توبة ، وقد قال الله تعالى في الآية ١٨ من سورة النساء :
(وَلَيْسَت التَّوبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُون السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إنِّي تُبْتُ الآنَ وَلَا الذِينَ يَمُوتُونَ وهُمْ كُفَّارٌ اولئكَ أعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أليماً)
وفرعون من زمرة هؤلاء ، فانَّه عند ما شاهد شوكة الموت ووجد نفسه على عتبة الغرق