وقد وردت هذه المواصفات كمعايير لاختيار الصديق في بعض الروايات نشير إلى اثنين منها :
١ ـ يقول الامام علي عليهالسلام : «مودَّة أبناء الدنيا تزول لأدنى عَرَضٍ يُعْرَضُ» (١).
إن أصدقاء من هذا القبيل يتخذون صبغة خاصة في الحوادث بحيث يبدون وكأنهم لا يعرفون صديقهم السابق أو لم يروه من ذي قبل.
٢ ـ يقول الامام أمير المؤمنين عليهالسلام في رواية اخرَى : «وُدُّ أبناء الآخرة يدوم لدوام سببه» (٢).
صداقة أمثال هؤلاء صامدة وثابتة على كل حال ، سواء أقبلت الدنيا أم أدبرت ، وفي الأسر والحرية ، وفي المرض والسلامة.
هكذا أصدقاء قليلون وبخاصة في آخر الزمان ، لذلك ورد عن الرسول صلىاللهعليهوآله قوله : «أقلُّ ما يكون في آخر الزمان أخ يوثق به أو درهم من حلال» (٣).
حقاً إنَّ كليهما قليلان وعزيزان. فلنفرض حصول الانسان على مالٍ حلال بمشقة كثيرة فيضعه في حسابه في البنك ، عندئذٍ يختلط بأموال أشخاص مرابين ولا يعتقدون بالخمس والزكاة ولا يدفعون ما عليهم من وجوه شرعية اخرَى أو يرتزقون عن طريق السرقة أو يحتكرون ما يحتاجه الناس أو يهرّبون السلع المحظورة وغيرهم ممَّن لا تخلو أموالهم من الحرام ، ورغم أنه لا تكليف في الظاهر ملقى على عاتق الانسان المفروض هنا إلَّا أنَّ اختلاط أمواله الحلال بالأموال الحرام يترك أثراً وضعياً.
وقد يكون هذا هو سبب ما ورد في الحديث التالي :
«يأتي على الناس زمان لا يبقى أحد إلَّا أكل الربا فمن لم يأكله أصابه من غباره» (٤)
نتطلع إلى اليوم الذي يسعى فيه الناس جميعاً لكسب الرزق الحلال ويرفع المرابون أيديهم
__________________
(١) غرر الحكم ، الحديث ٦٨٢٨.
(٢) غرر الحكم ، الحديث ١٠١١٨.
(٣) تحف العقول : ٤٤.
(٤) مجمع البيان ١ : ٣٩١.