الظلّ الذي تفتعله الغمام ، وهو ظلٌّ سائر وغير دائم ولا ثابت في محل ما ، فلا يمكن اللجوء إليه هروباً من حرارة الشمس.
الدنيا منام يراه الانسان النائم ، وهو خيال أجوف ، من قبيل رؤية الانسان لكنوز كثيرة يمتلكها ، ولا يجدها ولا آثارها في اليقظة.
إذن ، الدنيا فانية ، كما أنها جوفاء وخالية من المحتوى.
هاء : في حديث يصف لقمان الحكيم الدنيا لابنه كما يلي :
«إنَّ الدنيا بحر عميق قد غِرق فيها عالَمٌ كثير» (١).
الذي يغرق إمَّا أن يصبح طعاماً للحيوانات البحرية أو أن أمواج البحر تلقي به إلى أماكن بعيدة ، بحيث لا يبقى منه أثر. والدنيا تفعل بالانسان كما يفعل البحر بالغريق ، فهي قاسية وغير وفيّة.
عاش في هذه الدنيا أقوام ونحل كثيرة لا نجد لها أثراً حالياً ، فهي قد غرقت في بحر الدنيا ، فعلينا البحث عن وسيلة نجاة من بحر الدنيا يُطمئن إليها ننقذ بها أنفسنا من الغرق.
واو : يقول الامام علي عليهالسلام فيما يخصُّ أهل الدنيا :
«أهل الدنيا كَرَكْبٍ يُسار بِهِم وهُمْ نيام» (٢)
عبدة الدنيا يقضون حياتهم في نوم الغفلة ، وقد أدهشتهم شهوات الدنيا ولذّاتها ، لذلك لا يصطحبون معهم متاعاً في سفرهم نحو الآخرة ، يستيقظون عند ما يشعرون بصفعة الأجل ، عندها يندمون ويأسفون ، لكن ذلك لا يفيدهم ؛ لأن زمن التدارك قد مضى وولَّى.
زاء : يصف رسول الله صلىاللهعليهوآله الدنيا بمثل جميل ويقول :
«الدنيا سجن المؤمن وجنَّة الكافر» (٣).
يحكم المؤمنين قيود كثيرة في الدنيا ، هي من قبيل الحلال والحرام ورضا الله وغضبه والمحرمات والواجبات ، وهي قيود تحدُّ من نشاطات المؤمنين كثيراً ، أمَّا الكفَّار فهم في حلٍّ من
__________________
(١) ميزان الحكمة ، الباب ١٢٦٣ ، الحديث ٦٠٥٦.
(٢) ميزان الحكمة ، الباب ١٢٥٤ ، الحديث ٦٠١٧.
(٣) ميزان الحكمة ، الباب ١٢٤١ ، الحديث ٥٩٣٣.