إن هؤلاء القذرين حاضرون للمتاجرة بالبشر ، وهي تجارة قذرة تشمئزُّ منها النفوس ، فيشترون الأطفال ـ سواء بنات أو بنين ـ من الدول الفقيرة وبمبالغ زهيدة ليبيعونهم بمبالغ طائلة للمتموّلين وأصحاب الأهواء من أمثالهم ، وهي عملية تخلّف آلاماً وحسرات ، حيث يبقى الوالدان يتحسَّران على رؤية ولدهم ويتحمّلون حرقة فراقه إلى آخر العمر. ولا يهمهم ذلك ؛ لأنَّ هدفهم زيادة المال وإنماءه.
يا لهم من اناس دنيئين؟ لكن لماذا هم كذلك؟
يمكن الإجابة على ذلك بالقول : إنَّهم لا يفكّرون بغير الدنيا ولذاتها المتنوعة ، ولا علاقة لهم بشأن الدين والشرف والانسانية ، وقد قُيِّد وجدانهم البشري في زنزانة الحرص والطمع وطلب الزيادة ، ودُفنت فطرتهم تحت تلٍّ من الرذيلة والدناءة.
باء : يقول سابع إمام للشيعة موسى بن جعفر عليهماالسلام واصفاً الدنيا :
«مَثَلُ الدنيا مَثَلُ الحيَّة مسُّها ليِّن وفي جَوفِها السمُ القاتل» (١).
هذا الحديث يشير إلى خداع الدنيا ويشبهّها بالحية ذات المنظر الفاتن والباطن المسموم والقاتل.
جيم : يقول الامام علي عليهالسلام :
«إنَّما الدنيا شَرَكٌ وقع فيه مَن لا يعرفه» (٢).
ويا له من شرك واسع وكبير يسع لصيد وقرابين مختلفة ومتنوّعة!
دال : كما يقول أول أئمة الشيعة :
«الدنيا ظلُّ الغَمَامِ وحُلم المَنَام» (٣).
يحكي هذا الحديث الشريف جانباً من الدنيا ، وهو كونها زائلة وغير دائمة ، فهي من قبيل
__________________
(١) ميزان الحكمة ، الباب ١٢٥٣ ، الحديث ٦٠٠٥.
هذا السم الذي تحدّثت عنه الرواية من عجائب قدرة الله تعالى ، حيث يمكن لقطرة منه أن تقتل حيواناً أو انساناً ، فيا له من سم؟! ومن أي عناصر يتركَّب؟ وكيف يمكنه أن يقتل حيواناً تلدغه الحية ولا يقتل ذاتها مع أنه موجود في جوفها.
(٢) ميزان الحكمة ، الباب ١٢٥٣ ، الحديث ٦٠١٢.
(٣) ميزان الحكمة ، الباب ١٢٦٢ ، الحديث ٦٠٥٤.