بالمناظرات إلَّا إذا قصد طرفاها اتّضاح الحق والحقيقة وكانا يبحثان عن الحق ، أمَّا إذا قصد كلٌّ منهما التغلّب على الطرف الآخر كان ذلك جدلاً محرماً.
على المناظرين أن يتحلُّوا بشجاعة لقبول الحق ، وهذا هو المطلوب في الاسلام.
في مجال الجدال نقرأ آية وروايتين.
١ ـ جاء في الآية ٣ من سورة الحج :
(وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيْدٍ)
يجادل البعض حول التوحيد وحول الله تعالى دون أن يكون له علم ومعرفة في هذا المجال ، ويطلق مجادلاته عن هوى وهوس ، وهؤلاء المجادلون يعدون من أتباع الشيطان ؛ لأن الشيطان رائدهم في هذا المجال ، وقد انحرف بواسطة الجدل ، عند ما أمره الله بالسجود بصحبة الملائكة امتنع عن السجود مستخدماً القياس وقائلاً لربّه : خلقت آدم من تراب وخلقتني من نار ، والنار أفضل من التراب (١). مع أن السجدة لم تكن لترابية آدم عليهالسلام بل للروح الالهية التي نفخها الله فيه.
إذن ، جدال إبليس هو الذي جلب له الشقاء ، كما أنَّ المجادلين أتباع الشيطان المجادل.
٢ ـ يقول رسول الله صلىاللهعليهوآله في رواية :
«ما ضَلَّ قوم إلَّا أوثقوا الجَدَلَ» (٢).
وهذا الحديث يعني أن الجدل سبب الضلالة.
٣ ـ يقول الامام علي عليهالسلام في رواية قصيرة :
«الجَدَلُ في الدين يُفسد اليقين» (٣).
خلاصة ما تقدم كون الجدل غير المنطقي سبباً في الضلالة ومفسداً لليقين ، والمجادلون أتباع الشيطان ، وما علينا هو الابتعاد عن الجدل والتسليم إلى الحق والخضوع له.
__________________
(١) هذا مضمون الآية ١٢ من سورة الأعراف.
(٢) بحار الأنوار ٢ : ١٣٨.
(٣) ميزان الحكمة الباب ٤٩٢ ، الحديث ٢٢٨٥.