بالعلمانية عند العلمانيين ؛ وذلك لضعف الشخصية ، فهو لا يتجرأ التفوه بعقيدته الواقعية. (١)
الثالث ـ حب الدنيا : إنّ النفاق الدولي والعالمي لهذا العصر ينبع من هذا المنشأ. إن سبب الازدواجية في التعامل وانطلاق دعواتٍ لاحترام حقوق البشر من قبل بعض الدول الاستكبارية في موارد ، وسكوت ذات الدول في موارد أخرى ، رغم ما تحصل من انتهاكات وجرائم ضد البشرية ، هو حب الدنيا. فالدول تطلق هذه الدعوات متى ما تعرضت مصالحها للخطر وتستخدم هذه الحربة ضد الدول التي تعرض مصالحها للأخطار ؛ إلّا أنها تتغاضى عن هذه الانتهاكات إذا ما صدرت عن احد صديقاتها التي لا تعرّض مصالحها للخطر ، حتى لو كانت الانتهاكات واضحة ولا شبهة فيها ولا تبرير لها.
القرآن المجيد يحكي نماذج بارزة ومؤلمة عن هذه الطائفة من المنافقين في الايات ٧٥ ـ ٧٧ من سورة التوبة :
(وَمِنْهُم مَنْ عَاهَدَ اللَه لَئِنْ آتينا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَدَّقَنَّ ولنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمّا آتاهُم مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُو بِه وتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فأعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فى قُلُوبِهِمْ إلى يَومِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أخْلَفُوا الله مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)
هذه الايات نزلت في ثعلبة بن حاطب ، وكان من الانصار فقال للنبي صلىاللهعليهوآله : ادع الله ان يرزقني مالاً. فقال : «يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه (٢) أمّا لك في رسول الله اسوة حسنة؟ والذي نفسي بيده لو أردت ان تسير الجبال معي ذهباً وفضة لسارت».
ثم اتاه بعد ذلك فقال : يا رسول الله ادع الله ان يرزقني مالاً والذي بعثك بالحق ، لئن رزقني الله مالاً لاعطين كل ذي حق حقه. (٣) فقال صلىاللهعليهوآله : «اللهم ارزق ثعلبة مالاً».
__________________
(١) في حديث للامام علي عليهالسلام اشار فيه إلى هذا المنشأ «نفاق المرء من ذل يجده في نفسَه» ميزان الحكمة الباب ٩٣٩٢ ، الحديث ٢٠٢٥٨.
(٢) مراد الرسول الاكتفاء بالحياة البسيطة والقناعة بها.
(٣) من الأمور المستفادة من هذه الرواية هو عدم الاصرار على الطلب. وقد جربت هذه القضية لمرات عديدة ، فان عدم الاستجابة قد تكون لصالح الإنسان وهو لا يعلم بذلك كما يقول الله (عَسَى أن تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُو خَيْرٌ لَكُم) الأمر صادق حتى بالنسبة إلى الطلبات المعقولة مثل الاصرار على التوفيق لاداء صلاة الليل فان عدم توفيقه قد يكون لاجل الحول دون ابتلائه بالعجب والرياء.