يطلبون منه بناء سقف للمسجد ، وبعد أن سمح بذلك بدأ المسلمون ببناء السقف ، فبني من السعف ، أمَّا أعمدته فكانت من جذوع النخل.
وقد بقي هذا المسجد على بساطته حتى آخر عمر الرسول صلىاللهعليهوآله ، لكن بما أن الذين قاموا بهذا العمل أشخاص مؤمنون ، وكلٌّ منهم بمثابة منبع لنور الإيمان ، توسع بعد وفاة الرسول تدريجياً ليتبدَّل إلى أعظم واجمل مسجد في العالم الاسلامي بلغت مساحته حالياً كل المدينة عهد الرسول صلىاللهعليهوآله ، ولو أن أحدنا بذل أموالاً طائلة في سبيل رؤية هذا المسجد كان عمله في محله.
نعم ، إنَّ أعمال المؤمنين النيّرة تنمو وتتسع.
عند ما أخذوا بأسرى كربلاء إلى الشام أقعدوهم في بيت خرب يقرب من قصر يزيد الذي شق السماء بارتفاعه والذي كان يلفت نظر كل مارٍّ ، أمَّا حالياً فالبيت الخرب أصبح مزاراً تهوي إليه قلوب الشيعة من محبي أهل البيت عليهمالسلام ، وأمَّا القصر فأصبح خربة لا أكثر ، وأمَّا قبر معاوية فمهما بحثت عنه لا تجد إلَّا أثراً ضعيفاً في الباب الصغير ، في بيت صغير خرب ، رغم أنه كان حاكم الشام ومطلق العنان في تلك البلاد وظالماً جباراً لا يعرف غير أهوائه وشهواته. أمَّا بنت الحسين الصغيرة فقبرها معمور ويهوى إليه الناس من كل مكان.
نعم ، ذلك من خصائص الايمان ، فيعلو ضياؤه وبهاؤه كلما طال عمره ، أمَّا الكفر فتتراكم ظلماته كلَّما طال عليه الزمان.
المصداق الآخر لهذا الإدّعاء هو ما حصل في معركة احد حيث طُلِب من المسلمين حفر خندق أطراف المدينة يمنع من عبور المشركين رجالاً وفرساناً وفي الأثناء واجهوا صخرة عجزوا عن كسرها ورفعها من مكانها فاستعانوا بالرسول ، ولنقرأ الحادث على لسان الرواية :
«... فبينا المهاجرون والأنصار يحفرون إذ عرض لهم جبل لم تعمل المعاول فيه ، فبعثوا جابر بن عبد الله الأنصاري إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله يعلمه ذلك ... فقلت : يا رسول الله ، إنَّه قد عرض لنا جبل لا تعمل فيه المعاول ، فقام مسرعاً حتى جاءه ثم دعا بماء في إناء وغسل وجهه وذراعيه ومسح على رأسه ورجليه ، ثم شرب ومجّ ذلك الماء في فيه ثم صبَّه على ذلك الحجر ثمّ أخذ معولاً فضرب ضربه فبرقت برقة فنظرنا فيها إلى قصور الشام ، ثم ضرب اخرَى فبرقت برقة