الشباب ، وفي الثمان سنوات الرابعة يسعى لكسب الجاه والمقام والتفاخر به ، ومنذ الثانية والثلاثين وحتى الأربعين يحاول جمع أكبر حجم من الثروة والمال والذهب ، وبدخوله الأربعين يتكامل وتثبت شخصيته وتستقر (١).
(كَمَثَلِ غَيْثٍ أعْجَبَ الكُفَّارَ نَبَاتُهُ)
بعد ما بيَّن الله تعالى ماهية الدنيا وحقيقتها ضرب لها مثلاً فقال بأنَّها تشبه الغيث الذي ينزل على الأرض فيحييها وينبت فيها مختلف النباتات والزهور الجميلة ، بحيث تثير إعجاب الكفَّار.
المراد من الكفَّار هنا هو المزارعون والفلاحون ، والكفر بمعنى الستر والتغطية ، وأُطلق الكافر على غير المؤمن باعتبار أنه يستر الحقيقة وما تعتقد به فطرته ، كما اطلق هذا اللفظ على المزارع باعتباره يستر البذور ويخفيها تحت التراب ، كما يُطلق هذا اللفظ على القبر والليل ؛ باعتبار أن القبر يستر الجسد والليل يستر أشياء كثيرة لظلمته.
على أي حال ، الآية تشير إلى أن الغيث يثير إعجاب المزارعين لما يمنحه من حياة وطراوة ونشاط على وجه الأرض ، فينبت النباتات وتتغيّر وجه الأرض بها.
(ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرّاً)
لكن عمر النباتات والاشجار والزهور التي نبتت جرَّاء الغيث ليس طويلاً ، وينتهي بحلول فصل الخريف ، فيُذهب بكل ما جاء به الغيث من حياة ونشاط وطراوة.
(ثُمَّ يكُونُ حُطَاماً)
بعد ما تصفرّ النباتات تتبدَّل إلى حطام يتلاشى بريح بسيط أو نسيم ، فيذهب به إلى مكان أو آخر ، بعد ما كان صامداً أما الأعاصير عند ما كان أخضر.
نعم ، الحياة الدنيا بأموالها وزينتها ومقامها بمثابة هذه المزرعة ، أوَّلها زخرف جذَّاب ، لكنَّها سرعان ما تتلاشى ، ولو شككنا في ذلك يكفينا أن نلقي نظرة عابرة على حياة النباتات التي
__________________
(١) نقل العلامة الطباطبائي رضى الله عنه في تفسيره (الميزان ١٩ : ١٧٠ ـ ١٧١) هذه المراحل عن الشيخ البهائي رحمهالله ، لكنه لم يشر إلى مدّة كلٍّ منها.