السفينة وشاهد ابنه موشكاً على الغرق طلب من الله الطلبة التالية :
(رَبِّ إِنَّ ابنِي مِنْ أَهْلِي وإِنَّ وَعدَكَ الحَقُّ وَأنْتَ أحْكَمُ الحَاكِمينَ) (١).
وهو يشير بالوعد إلى ما ورد ذكره في الآية ٤٠ من سورة هود ، حيث وعد الله نوحاً أن يحمل أهله ومعه ويركبهم السفينة.
أجاب الله نوحاً في الآية ٤٦ من سورة هود ، وأشار فيها إلى أنَّه لا تأثير للعلقة والقرابة النسبية في هذا الموضوع ، إذ ورد هناك :
(قَالَ يا نُوحُ إنَّه لَيْسَ مِنْ أهْلِكَ إنَّهُ عَمَلٌ غَيرُ صَالح فَلا تَسْألنَ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إنّي أَعِظُكَ أنْ تكُونَ مِنَ الجَاهلِينَ)
نعم ، العلقة لا تؤثر ولو كانت قوية بدرجة النبوّة ، فهي غير مفيدة ما دام الانسان غير صالح ، ولهذا كانت عاقبة ابن نوح ، كباقي الكفار ، الغرق.
في قصة الامام السجاد عليهالسلام مع طاوس الفقيه عبرة ، نقرأها هنا :
يقول طاووس الفقيه : رأيته يطوف من العشاء إلى السحر ويتعبّد ، فلمَّا لم يرَ أحداً رمق السماء بطرفه وقال : «إلهي غارت نجوم سماواتك ، وهجعت عيون أنامك ، وأبوابك مفتّحات للسائلين ، جئتك لتغفر لي وترحمني وتريني وجه جدّي محمّد صلىاللهعليهوآله في عرصات القيامة» ، ثم بكى وقال : «وعزّتك وجلالك ما أردت بمعصيتي مخالفتك ، وما عصيتك إذ عصيتك وأنا بك شاك ، ولا بنكالك جاهل ، ولا لعقوبتك متعرّض ، ولكن سوّلت لي نفسي وأعانني على ذلك سترك المرخى به عليَّ ...»
ثم بكى وقال : «سبحانك تُعصى كأنَّك لا ترى ، وتحلم كأنَّك لم تعصَ ، تتودَّد إلى خلقك بحسن الصنيع كأنَّ بك الحاجة إليهم ، وأنت يا سيدي الغني عنهم» ثم خرَّ إلى الأرض ساجداً.
قال : فدنوت منه وشلت برأسه ووضعته على ركبتي وبكيت حتى جرت دموعي على خدّه ، فاستوى جالساً وقال : «من الذي أشغلني عن ذكر ربّي»؟
فقلت : أنا طاووس يا ابن رسول الله ، ما هذا الجزع والفزع؟ ونحن يلزمنا أن نفعل مثل هذا ،
__________________
(١) هود : ٤٥.