هل إنَّ قلب المنافق الصنوبري يعطل من جراء مرض النفاق؟ أو أنَّ مرض النفاق يؤدي إلى اتساع في صمام القلب؟
من الواضح أنَّه لا يراد من القلب ذلك العضو الصنوبري ، ولا يراد من المرض تلك الحالة الطبيعية التي تعرض للإنسان وأعضائه. إنّ القلب هنا هو العقل والعاطفة اللتان قد يضعفان بسبب مرض النفاق إلى مستوى يسمحان للانسان قتل الابرياء في حرم الامام الرضا عليهالسلام ، فهما في الحقيقة يموتان.
نقرأ في رواية أنّ للأمر بالمعروف ثلاث مراحل : الأمر بالقلب أولاً ، وباللسان ثانياً ، وبالعمل ثالثاً. فاذا كانت المرحلة الأخيرة غير ممكنة فتتوجب المرحلتان الاوليتان. وإذا استحالت المرحلة الثانية والثالثة فعلينا بالاولى أي علينا ان نكون متذمرين من الظالمين وسلوكهم وأن نكون محبين للمؤمنين والمصلحين. واذا ترك شخص الامر بالمعروف بمراحله الثلاث فقد صدق عليه الحديث التالي : «فمن لم يعرف بقلبه معروفاً ولم ينكر منكراً قُلبَ ؛ فَجُعِلَ أعلاه اسفله». (١) وهل يراد من القلب هنا هو ذلك العضو الصنوبري؟ بالطبع لا ، لان ذلك العضو لا يتحرك من مكانه ولا يتزلزل بل المراد منه هو العاطفة والادراك.
مما مضى نستنتج ان للقلب معينين في القرآن والروايات : ١ ـ العقل الانساني ٢ ـ العواطف الانسانية. وهما ظاهرتان روحيتان يعدان مركزاً للادراك والشعور. ولهذا عند ما يقال : (لهم قلوب لكن لا يفقهون) فان المراد كونهم يملكون القلب لكن ملكة الادراك عندهم معطلة وإذا قيل (قَسَتْ قُلُوبُهُمْ) فإنَّ المراد أنَّ عواطفهم ميتة.
القلب الذي في الاية ٤٦ من سورة الحج (فإنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى القُلُوبُ التي فِي الصُّدُورِ) قد يعني ذلك العضو الصنوبري بقرينة (في الصدور) ، لكن هل الواقع كذلك؟
رغم أنَّ العقل ليس في صدر الإنسان ، إلّا أنَّ له ارتباطاً بالدماغ ولذلك نرى البعض قد تعطل دماغه لكنَّ قلبه لا زال يعمل. وعلى هذا فالصدر الذي في الاية ليس ذلك الجزء من البدن المكسو بالقفص بل المراد منه الروح. وعليه فالقلب هنا يعني العقل والإدراك ، فمفهوم
__________________
(١) بحار الانوار ٩٧ : ٨٩ (طبع بيروت).