بالاسم فهو نصّ. ولا يجعل المجمل نصّا. وما قلناه في حدّ النصّ أولى ؛ لأنّه لا خلاف بين الأمّة في أنّ الله تعالى قد نصّ على الصّلاة والزّكاة مع حاجتهما إلى البيان. ويسمّون اللّفظ نصّا ، وإن كان فيه احتمال واشتباه.
وأمّا المفسّر ؛ فهو الّذي يمكن معرفة المراد به.
وأمّا المجمل في عرف الفقهاء ؛ فهو كلّ خطاب يحتاج إلى بيان ، لكنّهم لا يستعملون هذه اللّفظة إلّا فيما يدلّ على الأحكام. والمتكلّمون يستعملون فيما يكون له هذا المعنى لفظ المتشابه ، ولا يكادون يستعملون لفظ المجمل في المتشابه.
وأمّا قولنا «ظاهر» ؛ فالأولى أن يكون عبارة عمّا أمكن أن يعرف المراد به ، ولا معنى لاشتراط الاحتمال أو التقارب على ما اشترطه قوم ، فقد يطلق هذا الاسم مع فقد الاحتمال (١).
[الثالث] : فصل في حقيقة البيان
اعلم أنّ البيان هو الدّلالة على اختلاف أحوالها ، وإلى ذلك ذهب أبو عليّ وأبو هاشم. وذهب أبو عبد الله الحسن بن عليّ البصري إلى أن البيان هو العلم الحادث الّذي به يتبيّن الشيء. وللفقهاء في ذلك حدود مختلفة مضطربة لا معنى للتطويل بذكرها. والمحصّل هذان المذهبان.
والّذي يدلّ على أنّ البيان هو الدلالة وقوع الاتّفاق على أنّ الله تعالى قد بيّن جميع الأحكام ؛ لأنّه تعالى بنصب الأدلّة في حكم المظهر لها ، وقد يوصف الدّالّ بأنّه مبيّن ، وقد يجري هذا الوصف مع فقد حدوث العلم ، فكيف يقال : إنّه عبارة عن حدوث العلم. وكان يجب على هذا القول أن يكون من لم يعلم الشيء فما بيّنه الله تعالى له ، ولا نصب له دلالة عليه ، ولا شبهة في بطلان
__________________
(١) الذريعة ، ١ : ٣٩٨.