المجاز ، ولم يرد الحقيقة ، وفي علمنا بقبح الاستفهام في مواضع كثيرة دلالة على فساد هذه العلّة ، على أنّ المخاطب لنا إذا كان حكيما ، وأراد المجاز بخطابه ، قرن به ما يدلّ على أنّه متجوّز ، ولا يحسن منه الإطلاق.
[في أدلّة من قال بدلالة الوصف على المفهوم والجواب عنها]
وقد استدلّ المخالف لنا في هذه المسألة بأشياء (١) :
ومنها : أنّ تعليق الحكم بالشرط لمّا دلّ على انتفائه بانتفاء الشرط ، فكذلك الصفة ، والجامع بينهما أنّ كلّ واحد منهما كالآخر في التخصيص ؛ لأنّه لا فرق بين أن يقول : «في سائمة الغنم الزكاة» ، وبين أن يقول : «فيها إذا كانت سائمة الزكاة».
ومنها : ما روى عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عند نزول قوله تعالى : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) (٢) أنه قال : «لأزيدن على السبعين» ، فلو لم يعلم صلىاللهعليهوآلهوسلم من جهة دليل الخطاب أنّ ما فوق السبعين بخلافها ، لم يقل ذلك ... (٣)
ومنها : أنّ الأمّة إنّما رجعت في أن التيمم لا يجب إلّا عند عدم الماء إلى ظاهر قوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا) (٤) وكذلك الصيام في الكفّارة ، وأنّه لا يجزي إلّا عند عدم الرقبة إنّما رجع فيه إلى الظاهر (٥) ...
والجواب عن الأوّل : أن الشرط عندنا كالصفة في أنه لا يدلّ على أنّ ما عداه بخلافه ، وبمجرّد الشرط لا يعلم ذلك ، وإنّما نعلمه في بعض المواضع بدليل منفصل ؛ لأنّ تأثير الشرط أن يتعلّق الحكم به ، وليس يمتنع أن يخلفه
__________________
(١) ذكر السيد أشياء سبعة أوردنا منها ثلاثا لعدم مساس الباقي بالتفسير.
(٢) سورة التوبة ، الآية : ٨٠.
(٣) الذريعة ، ١ : ٣٩٢.
(٤) سورة المائدة ، الآية : ٥.
(٥) الذريعة ، ١ : ٤٠٤.