أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) (١) ، معناه التقديم ، وهو الجواب على الحقيقة ، التقدير : قتل أصحاب الأخدود والسماء ذات البروج.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى : لا يجوز إضمار اللام في الجواب المتأخّر ؛ لأنّ القائل إذا قال : والله زيد قائم ، لا يجوز أن يقول : والله زيد قائم ... اللام ؛ لأنّه لا دليل عليها.
وهذا الجواب أقرب إلى السداد من الأجوبة المتقدّمة ، وأشبه بأن يكون وجها تاليا للوجه الذي اخترناه قبل. وصلى الله على محمد وآله (٢).
ـ (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة : ٢].
[قال القاضي رادا على أن يكون قول النبيّ في أمير المؤمنين : «إمام المتّقين» نصّا على إمامته : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «إمام المتّقين» أراد في التقوى والصلاح ، ولو أراد به الإمامة لم يكن إماما بأن يكون للمتقين بأولى من أن يكون إماما للفاسقين ، وعلى هذا الوجه خبّر جل وعزّ عن الصالحين أنّهم سألوا الله عزوجل في الدعا «واجعلنا للمتّقين إماما» وإنّما أرادوا أن يبلغوا في الصلاح والتقوى المبلغ الذي يتأسّى بهم (٣).
قال السيّد : أما قول أبي عليّ] فتأويل باطل ؛ لأن حمل ذلك على أنه إمام في شيء دون شيء تخصيص ، ومذهبه الأخذ بالعموم إلا أن يقوم دليل ، على انا قد بيّنا فيما مضى إن معنى الإمامة وحقيقة هذه اللفظة والصفة تتضمن الاقتداء بمن كان إماما من حيث قال وفعل ، فإذا ثبت أنه إمام لبعض الأمة في بعض الأمور فلا بدّ من أن يكون مقتدىّ به في ذلك الأمر على الوجه الذي ذكرناه ، وذلك يقتضي عصمته ، وإذا ثبتت عصمته وجبت إمامته ؛ لأن كلّ من أثبت له العصمة وقطع عليها أوجب له الإمامة بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا فصل.
فأما تخصيص المتّقين باللفظ دون الفاسقين فلا يمتنع وإن كان إماما للكلّ ،
__________________
(١) سورة البروج ، الآية : ٤.
(٢) الرسائل ، ٣ : ٢٩٧ إلى ٣٠٥.
(٣) المغني ، ٢٠ : ١٩١.