وعزّ : (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) (١) وعموم هذه الظواهر يتناول موضع الخلاف ؛ وأيضا قوله عزوجل : (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) ولا شبهة في أنّ المراد بذلك إنقطاع الدم دون الاغتسال وجعله إنقطاع الدم غاية يقتضي أنّ ما بعده بخلافه.
وقد استقصينا الكلام في هذه المسألة في مسائل الخلاف ، وبلغنا غايته وذكرنا معارضتهم بالقراءة الأخرى في قوله جلّ ثناؤه : (حَتَّى يَطْهُرْنَ) فإنها قرأت بالتشديد ، فلا بدّ من أن يكون المراد بها الطهارة بالماء وأجبنا عنها (٢).
[الثاني : قال الناصر رحمهالله :] «الحيض لا يكون مع الحمل».
عندنا : أنّ الحامل قد يكون معها الحيض كالحائل ؛ وهو مذهب مالك ، والليث ، والشافعي.
وقال أبو حنيفة وأصحابه ، والثوري ، والأوزاعي ، وابن حيّ ، وعبد الله بن الحسن : إنّ الحامل لا تحيض.
دليلنا على صحّة ما ذهبنا إليه : إجماع الفرقة المحقّة المتقدّم ذكره.
وأيضا قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) ولفظ النساء عامّ في الحوامل وغير الحوامل ، فلو لم يكن الحيض ممّا يجوز أن يكون من جميع النساء ، ما علق هذا الوصف على اسم النساء ، وفي تعليقه عليه دلالة على أنّه ممّا يجوز أن يكون من جميع النساء.
وأيضا قوله عليهالسلام لفاطمة بنت أبي حبيش : «إذا كان دم الحيض أسود فأمسكي عن الصلاة ، وإذا كان الآخر فاغتسلي وصلّي» ولم يفرق بين أن تكون حائلا أو حاملا (٣).
ـ (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) [البقرة : ٢٢٣].
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٣.
(٢) الانتصار : ٣٤ ، وراجع أيضا الرسائل : ١ / ١٣٥.
(٣) الناصريات : ١٦٩.