له ، ومعنى ذلك أنه قادر على الانعام بالنعم المخصوصة. فاذا هذا هو معنى إله ، والحيوان والجماد فيه سواء.
وأمّا وصفه تعالى «بالله» ففيه وجهان : أحدهما : أن أصله لاه والله هو إلاله ، فإذا دخلت الألف واللام على لاه فصار الله. والوجه الآخر : أن الألف واللام أدخلتا على إله [فصار] الإله وخففت الهمزة وأدغمت احدى اللامين في الأخرى ، فصار الله (١).
[الثاني :] يوصف تعالى بأنه «واحد» على أحد معنيين : أحدهما أنه لا يتبعّض ولا يتجزّى ، وان لم يكن هذا الوصف إذا أريد به هذا الوجه من أسماء التعظيم والمدح. والمعنى الآخر أن نصفه تعالى بأنه واحد بأنه منفرد بصفات نفسه ليست لغيره ، وهذا الوصف يقتضي المدح والتعظيم (٢).
ـ (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ) [البقرة : ١٧١].
[إن سأل سائل] فقال : أيّ وجه لتشبيه الذين كفروا بالصائح بالغنم ، والكلام يدلّ على ذمّهم ووصفهم بالغفلة وقلّة التأمّل والتمييز ، والنّاعق بالغنم قد يكون مميّزا متأمّلا محصّلا؟
يقال له في هذه الآية خمسة أجوبة :
أولها : أن يكون المعنى : مثل واعظ الذين كفروا والداعي لهم إلى الإيمان والطاعة كمثل الراعي الذي ينعق بالغنم وهي لا تعقل معنى دعائه ، وإنّما تسمع صوته ولا تفهم غرضه ؛ والذين كفروا بهذه الصّفة لأنّهم يسمعون وعظ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ودعاءه وإنذاره فينصرفون عن قبول ذلك ، ويعرضون عن تأمّله ، فيكونون بمنزلة من لم يعقله ولم يفهمه ؛ لاشتراكهما في عدم الانتفاع به. وجائز أن يقوم قوله : (الَّذِينَ كَفَرُوا) مقام الواعظ والداعي لهم ؛ كما تقول العرب :
__________________
(١) الذخيرة : ٥٨٠.
(٢) الذخيرة : ٥٨٦.