فلان يخافك خوف الأسد ؛ والمعنى كخوفه من الأسد ، فأضاف الخوف إلى الأسد وهو في المعنى مضاف إلى الرجل ، قال الشاعر :
فلست مسلّما ما دمت حيّا |
|
على زيد بتسليم الأمير |
أراد بتسليمي على الأمير ، ونظائر ذلك كثيرة.
والجواب الثاني : أن يكون المعنى : ومثل الذين كفروا كمثل الغنم التي لا تفهم نداء الناعق ، فأضاف الله تعالى المثل الثاني إلى الناعق ؛ وهو في المعنى مضاف إلى المنعوق به ، على مذهب العرب في قولها : طلعت الشّعرى ، وانتصب العود على الحرباء (١) ، والمعنى وانتصب الحرباء على العود ؛ وجاز التقديم والتأخير لوضوح المعنى ؛ وأنشد الفرّاء :
إنّ سراجا لكريم مفخره |
|
تجلّى به العين إذا ما تجهره (٢) |
معناه يحلى بالعين ؛ فقدّم وأخّر. وأنشد الفرّاء أيضا :
كانت فريضة ما تقول كما |
|
كان الزّناء فريضة الرّجم |
المعنى كما كان الرّجم فريضة الزنا ، وأنشد أيضا :
وقد خفت حتّى ما تزيد مخافتي |
|
على وعل في ذي المطارة عاقل (٣) |
أراد ما تزيد مخافة وعل على مخافتي ، ومثله :
__________________
(١) الحرباء : حيوان كالعظاءة ؛ يدور مع الشمس.
(٢) يقال حلي فلان بعيني وفي عيني إذا أعجبك ؛ والبيتان في اللسان (حلا).
(٣) في حاشية بعض النسخ : «مقرر في الصناعة أن يكون المبتدأ والخبر هو هو ؛ أو ما يقوم مقام ذلك ويجري مجراه ؛ وهو احتراز من قولك مثلا : أبو يوسف أبو حنيفة ؛ يعنى يقوم مقامه ؛ فإذا كان كذلك فالواجب أن يكون الجزءان من المبتدأ والخبر جثتين أو حدثين ؛ حتى لا ينخرم هذا الأصل الذى أصلوه ؛ فأذا وجدت شيئا من ذلك قد اختل فإنما هو على ضرب من الاحتمال والمجاز ؛ كقولك : الهلال الليلة ؛ لأن التقدير حدوث الهلال الليلة ؛ كأن التقدير : حدوث الهلال وقع الليلة ؛ فالواقع هو الحدوث ، والحدوث هو الواقع. والبيت المستشهد به ، التقدير به : لعمرك ما فتوة الفتيان ، فحذف المضاف وأقام المضاف مقامه ، والتقدير : ما فتوة الفتيان نبتة اللحى».